facebook-domain-verification=oo7zrnnwacae867vgxig9hydbmmaaj
الدكتور غسان جعفر
الدكتور غسان جعفر

النظام و الشعب و الثورة.. هل الأفق مسدود؟ أم أننا أمام الأزمة أو المأزق التاريخي؟(جزء 3)

كتب: الدكتور غسان جعفر

معضلة الشعب الطائفي التابع/ما يزال يشكل القسم الاكبر للاسف نحن هنا امام معضلة أخرى و هي

معضلة الشعب الطائفي التابع والذي لا يزال يشكل القسم الاكبر للاسف. هل يمكن القول بأن شعبا ما هو “طائفي أو مذهبي”؟ هل نحن بصدد التعميم المجرد؟

لا أعتقد ذلك.نحن نوصف حالة الشعب بأكثريته الملموسة ماديا، كمجموعة مواطنين او افراد، يعيشون في بيئة اجتماعية اقتصادية ديموغرافية محددة، بموروث ثقافي اجتماعي معين.

اذ ان الطابع الغالب على تلك المجموعات من الناس، الالتحام العضوي الى حد الالتصاق بمصالح الزعيم الطائفي او الأمير المذهبي، انطلاقا من غريزتها المتطيفة و انشدادها الممذهب ، الى الحدود القصوى.

فالزعامةالطائفية-المذهبية، اشتغلت جيدا على صقل السلوك الثقافي العام لأناسها، في بوتقة الدفاع عن فسادها و حماية مصالحها الخاصة، التي فعليا، لا علاقة بالطائفة بها موقعا او دورا.

ما تقدم، ينطبق على جميع المناطق شبه الصافية طائفيا و مذهبيا و ديموغرافيا، لأسباب عديدة، ليس مجال نقاشها هنا، و تستلزم مقالة خاصة بحد ذاتها.

و سبق في الجزء الثاني من سلسة المقالات، ان ذكرت عن بدعة “التعاقد الوظيفي”، لخلق الأزلام و المحاسيب و المنتفعين، بحيث اخترقت قوى الهيمنة الطائفية-المذهبية، جميع مفاصل الادارات، و الجامعة الرسمية، باستثناء الكليات الطبية التي تغلغلغت فيها مؤخرا في فضيحة مدوية، بجميع كلياتها.

بحيث تتحكم بطريقة تسجيل الطلاب و تعيين و ترفيع الاساتذة، عدا عن فرض ما يسمى “بالمنح التربوية”، على جميع المدارس و المعاهد و الجامعات الخاصة بدون استثناء.

و بلغت سطوتها القصوى، تعيين مدرسين في كل المحافظات ، متخطية أسس الكفاءة و حتى الحصول على شهادات معادلة رسميا و قانونيا.

لذلك، لن تجد رابطة طلاب او اساتذة في مدرسة او معهد او رابطة اهالي او نقابة تعليمية او تربوية او وظيفية او عمالية، او جمعية عائلية او قروية او بلدية او تعاونية و غيرها، مرورا بنقابات المهن الحرة من اطباء ، اطباء اسنان، صيادلة، مهندسين و محامين و غيرهم، الا و قد سيطر على مقدراتها و شؤونها و اداراتها، و تقاسم التوظيفات بداخلها، اصحاب النعمة و اوصياء الدم الجدد، على قاعدة تأبيد المحاصصة الطائفية المذهبية.

انطلاقا من اعتبار اعضاء قيادات هذه النقابات ممثلين حصريين للطوائف و المذاهب و أحزابها، و ليس ممثلين لمصالح و مطالب فئات العاملين المنتسبين اليها.من هنا يتم الاقتراع و تركيب اللوائح الانتخابية السلطوية ، على هذا الاساس المقيت و البشع، المنافي لكل أصول العمل النقابي الديموقراطي، بمواجهة حفنة قليلة جديدا من الناشطين النقابيين المستقلين الديموقراطيين الشرفاء و الاحرار.

فيجري الانتخاب و الترشيح، من قبل الاعضاء التابعين لقوى السلطة، على قاعدة ان كل عضو تابع لطائفة او مذهب، معني حتما و حصرا بانتخاب ابن طائفته و مذهبه، ليحدث ما يسمى رياء و كذبا”بالتوازن” الطائفي و المذهبي داخل هذه الهيئات النقابية المتنوعة و المتعددة.هكذا تم تغييب الوعي النقابي المطلبي المصلحي الطبيعي، بصورة فجة و غير مسبوقة في تاريخ العمل النقابي في البلد، و استبداله و لو مؤقتا، بالاستتباع الطائفي و الغرائزي المذهبي، و هو بمثابة اختلاق “لقانون” مناف لطبيعة الحياة و الاصطفاف الاجتماعي الطبيعي للجماعات ، حول مصالحها الحيوية و المعيشية.

و طبعا، هذا الامر لن يدوم طويلا، بحكم تناقضات طبيعته الداخلية، و سيحدث الانفجار الاجتماعي القادم، انسجاما مع حتمية قوانين التطور الطبيعي المادية في الحياة و المجتمع، و بالتأكيد سيتمكن عاجلا ام آجلا هذا الانفجار من الاطاحة بمجمل منظومة التحكم المستبدة الطاغية القاهرة و الفاسدة.فالتراكمات المتتالية الكمية، ستولد يوما ما، نقلة او قفزة نوعية جذرية، تؤدي الى تحقيق الاهداف المبتغاة ، من قبل ثوار تشرين، عند توفر الظروف الذاتية و الموضوعية الملائمة و المناسبة، و موازين القوى الضرورية ميدانيا على الارض.

كذلك، نذكر انه لم تسلم طبعا من تلك المداخلات ، ذات الطابع المحاصصاتي و الزبائني، المعتمد على الرشاوى الهائلة، عملية إدخال مئات المنتسبين الى الكلية الحربية و المؤسسات العسكرية و الامنية و السلك القضائي و المحاكم و مؤسسة الضمان و غيرها من ادارات و مؤسسات الدولة.

انها هيمنةاخطبوطية حلزونية- سرطانية، متعددة الرؤوس و الاطراف، في حبكة غريبة عجيبة، لم يشهد لها التاريخ اللبناني مثيلا.هكذا، نلاحظ كيفية التسرب الانسيابي، لسلوكيات تلك القوى الطائفية المذهبية، الهادفة الى تأمين سيطرتها و تأبيدها، على جمهورها المأخوذ بعظاتها و ارشاداتها و توجيهاتها التعبوية التحريضية، بهدف إطالة عمر حكمها.انه الاستلاب المادي و المعنوي الخطير، غير المسبوق لشريحة كبيرة من الناس، الموسومين بالمحرومين و الكادحين و العراة و الجائعين.

لكن للأسف ، نجد ان افراد تلك الشريحة، يتحركون عكس مصالحهم الطبيعية، و مستعدون للقتال و القتل و سفك الدم ،دفاعا عن زعيمهم الطائفي، هاتفين “بالروح بالدم نفديك يا زعيم”الخ.هذه السلوكية ذات المخزون الثقافي الطائفي المتخلف، لا تخص منكقة دون أخرى، و برزت امثلة عينية حسية لها، خلال عمليات قمع الحراكيين في بعض مناطق بيروت و الجبل و البقاع و الشمال و الجنوب، من قبل أزلام و اتباع جميع القوى الطائفية المشاركة سابقا او حاليا في الحكومة.

كما ان مفردات او مصطلحات مثل”نحن و هم” و ” منا أو منهم” و ” جماعتنا و جماعتهم”، “منطقتنا و منطقتهم “، هي تعبير واقعي حي، عن عمق الدخول الثقافي الموجه ببوصلة مذهبية و طائفية، في طرق و وسائط التعامل اليومي لهؤلاء المواطنين.

انها محاولة سلطوية، نجحت و لو مؤقتا في تجميد الصراع الاحتماعي، و تشويه النسيج المجتمعي و حرف الوعي المطلبي ، لكي يحل قانون الاصطفاف و الاصطفاء الطائفي المذهبي، مكان القانو المصلحي الطبيعي ، باعتبار ان الصراع الاجتماعي محرك حاسم و اساسي لتاريخ الدول و المجتمعات.مما وضع موضوعيا – بخطة اذلال مبرمجة حاقدة و خبث و لؤم ممنهجة- ، فقراء و مقهوري الطوائف مقابل بعضها، بدلا من وقوفها المفترض موحدة، بمواجهة عدوها او قل خصمها الاجتماعي المستغل لقوت عملها، و مسبب فقرها و جوعها.هذا ما عنيت به بالشعب الطائفي ..اذ لا يزال القسم الاكبر من الناس ..منحاز مذهبيا و طائفيا ..لأمير الطائفة و المذهب.. برغم المجاعة و الانهيار الكبير.

هذه المسألة ليست يسيرة و بسيطة، من أزمة الثورة و امكانيات انتصارها الصعبة و الطويلة الأجل.ما تقدم، لا ينفي او يلغي اهمية وجود اعداد قليلة جدا استطاعت الانفكاك عن سلطة الزعيم-الأمير، اذ شاركت بشكل محدود و استعراضي ، في بعض التحركات، لكنها ما لبثت ان انكفأت و عادت الى مرقد عنزتها ، في بيئتها المذهبية، حال تعرض بعض الحراكيين لشخص ملهمها و قائدها و حامي حمى الطائفة و المذهب، بمواجهة عدو وهمي دائما، هو ابن الطائفة او المذهب الآخر، من خلال استيلاد متجدد لفكرة ان الطائفة او المذهب في خطر.

لكن ممن؟ هذا الموضوع طويل و اشكالية شائكة و معقدة.لكن أكتفي بهذا القدر بما كتبت حوله.. على أمل العودة الى نقاشه في مقال خاص بمفرده.

عن investigation

شبكة مختصة بالرصد الإعلامي من لبنان إلى العالم. نعتمد أسلوب التقصِّي في نقل الأخبار ونشرها. شعارنا الثابت : "نحو إعلامٍ نظيف"

شاهد أيضاً

حشود كبيرة تدخل بشكل يومي … المعابر غير الشرعية تعجّ بالسوريين والمُسهِّل مافيا لبنانية مُتشعِّبة

خاص – شبكة تحقيقات الإعلامية رغم كل الجهود المبذولة من قبل الجيش اللبناني ، على …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!