facebook-domain-verification=oo7zrnnwacae867vgxig9hydbmmaaj

مع هشام فارس| القديرة رندة كعدي: المسرح مكان مُقدّس وعتبي كبير على الإنتاج

شبكة تحقيقات الإعلامية 

إعداد ومتابعة: هشام فارس 

  • المسرح مكان مُقدّس وعتبي كبير على الإنتاج

 

  • أنا بإنتظار الموت بدون خوف بعد أن تذوقت طعمه

فنانة لا تستطيع إختصارها في سطور. هي صادقة، ناجحة، متألقة، جريئة بتهذيب وصريحة بإحترام. تحمل بين حروفها مستوى عال من الحرفية التي اكتسبتها من أخلاق رفيعة تعلمتها وعلمتها لكل من تأثر بها أو عرفها.

قدمت في مشوارها الفني الطويل العديد من الأعمال والأدوار التي أثرت في قلب كل من شاهدها لتصبح رندة كعدي أم الجميع، فهي المرأة المعطاءة التي تملك طاقة رهيبة من الحب، الإحترام، هي الجميلة من الداخل والخارج.
مع ست الستات ماما رندة، كما أناديها ويناديها الجميع، كان لنا هذا اللقاء الراقي والأكثر من جميل.

  • عُدت بالعديد من الأدوار الجميلة آخرها كان دورك في “أدهم بك”، المسلسل الدرامي الجميل الذي لم يُعرض بعد. أخبرينا قليلا عن دورك في هذا العمل؟ وكيف تصفين هذه التجربة ؟

شاركت هذا العام في مسلسلين لشهر رمضان المبارك، الأول مسلسل أدهم بك التي تدور أحداثه في حقبة الأربعينيات، أُجسد فيه دور الست ثمينة أُم البنات.

زوجي يُقتَل وأتشرد أنا وبناتي لنعيش صراع الغربة وهذا شبيه بما يحصل اليوم. دور جميل يحمل إحساس كبير ويُظهر ما يحمله ذاك الزمن من قمع ليس فقط أمني إنما قمع إجتماعي للفتاة.

كانت تجربة مُمتعة للغاية خصوصا ان نص طارق سويد قريب من إحساسي، وسيشاهد الجمهور عمل ذات إنتاج ضخم. أما المسلسل الثاني فإطلالتي ستكون مع كارين رزق ألله بمسلسل “لآخر نفس” أيضاً أكون فيه أم الفتيات لكن الفتيات المتطورات.

فهو يحاكي زمننا هذا بقالب كوميدي جميل. فإختلاف الشخصية الشاسع بين العملين يُؤكد أن الفنان لا ينحصر بقالب واحد أو بدور معين، فيمكنك إتقان شخصيتك بدورين متناقضين كلياً.

  • هل رندة كعدي راضية اليوم عن كثافة أعمالها بقدر ما هي راضية عن مستوى ما تقدمه؟

راضية كثيراً خصوصاً عودتي هذا العام كانت مع كُتاب أحبهم مثل طارق سويد وكارين رزق الله و الكاتبة كلوديا مرشليان التي صورت الجزء الثاني من مسلسلها “وين كنتي”، ومع مخرجين مثل أسد فولاكار، سمير حبشي، وزهير قانوع، مخرجين أضافوا الكثير على مسيرتي من تقنيات العطاء والإحتراف الأدائي.

لا يوجد ممثل مجتهد فقط إذا لم يكن بالمقابل هناك العين الثاقبة، والتي هي المخرج، المخرج الذي يهتم بأدق التفاصيل ويقود الممثل كي لا ينحرف عن مسار ومسير الشخصية.

  • عاصرت أكثر من جيل وكنا نرى أن الفن يتراجع. كيف تصفين المجال الفني اليوم وهل ما زلنا متجهين نحو الهاوية؟

كم أتمنى اليوم أن يتم تقديم فرص لمتخصصين في مجال التمثيل والمسرح، يجب أن يرافق الموهبة التخصص الصحيح وإلا فنحن نعم متجهين نحو الإنحدار كُن متأكداً.

للأسف لا أعلم لما الإستخفاف بصعوبة التمثيل وربطه فقط بالشكل الجميل. حتى ملكات الجمال أول سؤال يسقط عليهن كم سيتقدم لك عروض للمشاركة في مسلسلات؟ وهن يجبن: نعم أحب التمثيل.

مردفةً: جميعنا نحب التمثيل لأن الحياة كلها مسرحية بأدوار مختلفة، لكن الفرق هي تقنية الأداء التي تحمل مشاعر صادقة للوصول للقمة بالفن الأدائي. فالتمثيل ليس عمل سهل أبدا.

مصيفةً: بالنسبة للفن اليوم نحن نتغنى بالتراث الذي تركوه الرحابنة فقط، بالإضافة طبعا للفنانين العمالقة الذين رحلوا من هذه الدنيا. فشجرة الفن الراقي تسقط أوراقها واحدة تلو الأخرى. فهذا ما يُبكينا اليوم بأن الأجيال القادمة ماذا سيبقى لها من الفن إلا شجرة عارية.

  • على من عاتبة رندة كعدي اليوم؟ ولماذا؟

عتبي على الإنتاج الذي يُنصّب الجميلات في بطولات أفلام ومسلسلات، في هذا السن يُحملوننا أثقال العمل لكي نكون الدور المُساند لحبكة القصة وللأبطال الجدد المتربعين والمتربعات على بطولة الأعمال اليوم.

هذا الشيء يناقض السينما و المسلسلات العالمية. عندما يكون هناك أحد لديه هذه الخبرة الطويلة يعطوه الدور الأساسي ويعطون الدور المساند للممثلين الجدد. هذه لا نراها في لبنان.

مضيفةً: غير صحيح أن الشكل الجميل هو فقط ما يجذب المشاهدين، هناك أيضاً الأداء الجميل الذي يدخل عين وقلب كل مشاهد وليس فقط الشكل الخارجي. الحمدالله أن المشكلة لم تمسّ المسرح ولا زال المسرح يستقبل أبناءه فقط.

  • أخبرينا عن أعمالك المسرحية. المسرح الذي تعشقه رندة كعدي.

(تتنهد بفرح) أنا مسرورة أيضاً لأنني شاركت في عملين مسرحيين هذا العام. شاركت في مسرحية “قفص” بدور المرأة العانس، كتابة جومانا حداد إخراج لينا أبيض على مسرح ميترو المدينة، بعرض متواصل دام لمدة أربعة أشهر، وتوقفنا نظراً لإرتباط عمل آخر مع صالة المسرح.

وهذه دلالة أن الفنان يجب أن يكون على قدر كبير من المسؤولية. وشاركت في مسرحية “صوته” لعبت فيها دور العاشقة من ترجمة لينا أبيض بأداء مونو دراما. كنت وحدي على المسرح مما زاد من ثقتي بسبب تجاوب وتشجيع الجمهور الكبير.

تتابع: وهذه التجارب جعلتني أتأكد أن الفن المسرحي هو من أرقى الأعمال الفنية لأنه يحتوي على كل شيء، الأداء- الموسيقى- الإحساس- الحركة الجسدية، كل شيء.

قدمت أيضا مسرحية ” الختم السابع” إعداد وإخراج إبنتي تمارا الحاوي والذي كان مشروع تخرجها في مرحلة الماستر 2 ولا أستطيع إخبارك مدى فرحتي إنني كنت أنا وخبرتي تحت إشراف إبنتي.

كانت من أسعد وأصعب اللحظات في الوقت نفسه خصوصاً إني أقدم مشاعري وتقنيتي بخدمة نص أعدته وأخرجته إبنتي. قدمت خلالها شخصية الموت برهبة الدور الذي جعلني أحلم بكوابيس (تضحك)، كوابيس من مجهول مخيف هو بالوقت نفسه حق على الجميع.

هذا الدور هو من أصعب وأجمل الأدوار التي قدمتها على المسرح وعلى الشاشة. بعد الإنتهاء من دوري أصبحت متصالحة مع الموت وبانتظاره بدون خوف بعد أن تذوقت طعمه على المسرح.

  • قبل التكلم مع فنانة مخضرمة أود التكلم مع إنسانة قديرة لها خبرتها الكبيرة في الحياة. ما هو الدرس الأكبر الذي تعلمته رندة كعدي وستقوله بدورها لكل القراء؟

الحياة مدرسة بحد ذاتها، من الأبجدية حتى التخرج، كل شيء لا يقتلنا هو درس وعبرة. اللهم خفف عنا أثقال التجارب.

  • إن عُينتِ في منصب وزاري مهم ما هو الحق المسلوب الذي تقريه لمصلحة المرأة؟

لو كانت السلطة لي أعطي للمرأة الحق في حضانة أولادها وإعطائهن حق الجنسية والعصمة غير المشروطة.

  • هل شخصيتكِ في أي عمل فني تؤثرعليك وترافقك إلى حياتك الخاصة؟

نعم أحمل شخصيتي في البداية كي أبلورها عندما أقدمها للعمل، وكي يثنِ عليها المخرج بعدها أو يضيف ما يراه مناسباً في سبيل تقديم الأفضل.

لكن لا أعيش هوس الشخصية، فعند الإنتهاء من التصوير خلال النهار نذهب لنرتاح ولا ترافقني الشخصية لكن في مرحلة تركيب الشخصية وحفظها نعم هذه الفترة هي المخاض.

  • ما هو أسوأ شيء في مهنة التمثيل؟

لا يوجد شي سيء في مجال التمثيل، وإلاّ لكنت إعتزلت المهنة منذ زمن! لكن باستثناء بعض الهفوات والتي ذكرتها سابقا كوضع في المقدمة الشخص غير المناسب في المكان غير المناسب، وقيامنا نحن بوجع التصليح والترميم.

والمنافسة غير الشريفة في هذا المجال. فقط هذه هي الهفوات، أما أنا فأهنىء الإنتاج الذي يُصارع كي نبقَ موجودون في هذا المجال بظل غياب إهتمام الدولة ووزارة الثقافة. فالفن اللبناني بحاجة لإلتفاتة من الدولة كي نقوم بالنهضة الثقافية.

  • إن عدتِ عشرين عاماً إلى الوراء ماذا تغيرين في حياتك؟

علواه أستطيع تغيير عقلية الحكام والشعب اللبناني، فنتوحّد ونكون مواطنين نتغنى بمواطنيتنا. هذا ما يحرقني بوطني.

فلو عدت 35 عام إلى الوراء وليس عشرين عاما، وكنت شخص له القرار الفاصل، لحيدتُ وطني عن كل المأساة والحروب الذي مرّ به.

  • ما هي وصيتكِ للفن بعد عمر طويل؟

وصيتي للفن أن يرتقي. أوصي جميع الاجيال القادمة أن تكون أولويتنا وطنيتنا كي يكون لدينا حضارة مشرفة والحضارة المشرفة تولد الفن المشرف، والتواصل الإيجابي هي العائلة والإيمان والحب.

أوصي بالمحبة فقط، فبالمحبة لا نؤذي وطننا ولا فننا ولا أرضنا ولا شيء.

  • إلى كل أم كان مكانها الأخير مأوى العجزة. ماذا تقولين لأولادها؟ وجهّي لهنّ تحية على طريقتك الخاصة.. 

(تجيب بحزن شديد) أَوْجَعْتَني في هذا السؤال. لمن ليس لديه عائلة أو أولاد أشكر مأوى العجزة الذي يهتم بهؤلاء المتروكين قصراً والذي يقدم لهم الإهتمام والرعاية حتى الموت، أما أن يرمي الإنسان بأهله إختياراً، أهله الذين هم سبب وجوده في الحياة، عندما يعودوا كالاطفال غير قادرين على المشي والتنفس فهذه جريمة كبيرة.

(تذرف دموعها) أنا اليوم والدي على فراش الموت.(يُذكر أن المقابلة كانت قبل أيام قليلة من وفاة والدها) إخوتي وأنا سنحضنه حتى اللحظة الأخيرة ولا زلت أشعر بتقصير بحقه فكيف من يرمي بوالديه؟!
أقبل يد كل أم وأترحم على والدتي وأقول لها سامحيني يا حنونة، سامحيني على أي لحظة تقصير، أطلب رضاها علي من مكانها اليوم. كل أم هي الملاك الحارس لأولادها.

أعايد الأمهات المفجوعات بأولادهنّ الشهداء أو المخطوفين.

ليس هناك من أغلى من هذه الكلمة. وأعايد أولادي وأتمنى أن أكون الأم الحقيقية لهم. هذا العيد هو أغلى عيد على قلبي وأعتب على الدولة لأنها لم تخص عيد الأم بيوم عطلة بأسمى وأعظم عيد. وكل عام وكل والدة بألف خير!!

إنتهت المقابلة على وقع دموع صادقة ذرفتها عيون أم، سهرت على عائلتها وفنها طيلة هذه السنوات، وقدمت لهم المحبة والإهتمام والنجاح فكانت الأم ليست فقط بنظر أسرتها بل بنظر كل من تعرف عليها من قريب أو بعيد.

في نهاية المقابلة ختمت الست رندة كعدي حديثها بجملة أغنتني كثيرا قالت فيها: وبالختام طولت عليك بالحديث ما تواخذني بس أسئلتك هالقد عميقة ما بيقدر الواحد يتخطى أي سؤال أو يستهتر بالإجابة. شكراً.
رأي عظيم من إمرأة أعظم أعطتني الدفع للإستمرار في ما أقدمه اليوم!

نص الحوار 

عن investigation

شبكة مختصة بالرصد الإعلامي من لبنان إلى العالم. نعتمد أسلوب التقصِّي في نقل الأخبار ونشرها. شعارنا الثابت : "نحو إعلامٍ نظيف"

شاهد أيضاً

السنيورة: لعدم توريط لبنان بما يجري بغزة .. ليس لدينا قدرة على التحمُّل

حيا الرئيس فؤاد السنورة، “عملية العبور البطولية التي نفذها ابطال المقاومة الفلسطينية باتجاه منطقة غلاف …

error: Content is protected !!