عندما تستدعي الشرطة أباً وتخبره أن الأمر يتعلق بولده الذي لم يتم السادسة عشرة من عمره، فقد يخطر بباله أن ابنه ربما تشاجر مع زملائه في المدرسة، أو استخدم سيارته وقادها وهو لايحمل رخصة، وأكثر ما يمكن أن يجنح إليه الخيال أن يكون الصغير قد انجر إلى تعاطي أحد أنواع المخدرات أو المؤثرات العقلية، ولهذا لم تسعفه الكلمات عندما أخبره الضابط أن طفله قد أصبح أباً من علاقة غير شرعية.
لم يجد الأب سوى الإنكار غير القابل للنقاش، فابنه مجرد طفل والمدعية هي خادمة كانت تعمل لديهم وقد أعادها إلى المكتب المسؤول عنها، فكيف يمكن أن يكون ذلك وقد تركت منزلهم قبل عامين، ثم بدأ الأب يروي ما حدث لوكيل النيابة في أبوظبي كمن يتحدث إلى نفسه، فقد كان يستعيد الأحداث ويتوقف عند بعض تفاصيلها وكأنه يعرفها للتو، قال إنها كانت تعمل لديهم وقد تم إعادتها للمكتب بعد أن أخبرته زوجته بأنها تتقرب إلى ابنهم المراهق، فكان قرار انهاء عملها تجنباً لأي من المشكلات التي قد تحدث، وقد عهد لنفس الابن بمهمة إعادة الخادمة وتوصيلها إلى المكتب.
هنا قاطعه وكيل النيابة وأكمل له ما لايعرفه من القصة بناء على اعترافات المتهمة، وأكد له أن ظن أم الفتى كانت حقيقية، فقد كان الفتى في الرابعة عشرة وله أصدقاء أكبر منه سناً كانوا يعرضون أمامه صوراً وأفلاماً، ويتحدثون أمامه عن النساء فتتحرك غرائزه التي كانت للتو قد بدأت تنضج، وبدأ فضوله يتحرك نحو تجربة المشاعر التي يتحدثون عنها، ولما كان الحديث عن تلك الأمور غير ممكن مع ابيه أو أي من عائلته الأكبر سناً فإن ما يعرفه عن الأمر اقتصر على الصورة الغرائزية البدائية التي قدمها له أصدقاء السوء بعيداً عن التسامي بالأخلاق والدين.
في وسط تأرجح الشاب الصغير في أمواج الفضول والرغبات بعيدا عن أنظار عائلته، لم يجد سوى الخادمة الشابة لكي يوجه نحوها تلك المشاعر المتصارعة، ورغم أنها تكبره بنحو 12 عاماً إلا انها لم تمانع بالأمر بل تعاملت معه باحترافية جعلت من الشاب تابعاً لها لا يستطيع أن يرفض لها طلباً.
فكانت تأخذه بين التمنع والموافقة والتسويف مالم يستطع بخبرته البسيطة أن يقاومه فغرق في بحرها.
استطاعت الخادمة باستغلالها لمشاعر الفتى أن تحصل على ما تشاء من مال وهدايا، بل أنه كان ينصرها على باقي الخدم وأحياناً على شقيقاته بحجة الإنسانية والرحمة، حتى لاحظت والدته أن الأمر أصبح مثيراً للشك وأسرت لزوجها بذلك، فكان القرار إبعادها تجنباً للمشاكل، وكان ذلك بدون حتى محاولة التأكد لأن السؤال والتحقيق كان سيفتح مجالاً للنقاش وربما يفتح عيون الفتى على أمر لم يكن منتبهاً له.
وعندما عهد الأب للابن مهمة إعادة الخادمة كانت هذه هي فرصتها حيث أقنعته بمساعدتها على الهرب، فاستأجر لها غرفة في شقة تقيم فيها فتيات من نفس جنسيتها، ودفع لها قيمة الإيجار مع مايكفيها من نفقة. أصبح الشاب الصغير وهو في الخامسة عشرة هو المسؤول عن خادمته وكأنه زوجها، فكان يتكفل بجميع مصروفاتها، فيدفع لها بمصروفه كاملاً، مضافاً إليه ما يأخذه من مال والديه دون علمهما، وبالمقابل فقد تطورت علاقتهما حتى أثمرت عن حمل سفاح.
ربما لم تعرف هي في بداية الأمر، أو أنها تعمدت إخفاء الأمر عنه، المهم أنه عرف بعد أن أصبح من الصعب التخلص من الجنين، فذهبت إلى إمارة أخرى لتقيم عند إحدى صديقاتها، وعندما تعسرت الولادة في المنزل تم نقلها إلى المستشفى حيث أنجبت طفلها، وبالسؤال عن والده اعترفت بكل ما سبق، ولكن المتهم أنكر ماوجه إليه من تهم وبعد أن أتم وكيل النيابة الحكاية وقف الأب مؤكداً براءة ابنه وأن الخادمة تقوم بذلك للانتقام منه ومن عائلته لطردها من العمل لديهم.
وبتحليل الحمض النووي للمتهم والرضيع، تبين بحسب جريدة “البيان” الإماراتية أن الشاب الصغير هو بالفعل الأب البيولوجي للطفل، عند ذلك تراجع المتهم عن إنكاره واعترف بعلاقته مع الخادمة مؤكداً انه أنكر في البداية خوفاً من ردة فعل عائلته وفي المحكمة تم إيداع المتهم في مركز للأحداث، أما المتهمة فقد حكم عليها بالحبس ستة أشهر، ثم اتخذ بحقها وابنها إجراء الإبعاد عن الدولة الوارد في الحكم، حيث إن الطفل غير الشرعي ينسب إلى والدته وفق القانون.