رصد ومتابعة- شبكة تحقيقات الإعلامية
مهما حاول بعض الخبراء تلميع الصورة ، ومهما عمد المصرف المركزي لبث الأخبار الإيجابية حول ثبات الليرة والإحتياطي الموجود لديه ، ومهما تباهي المسؤولون بأنهم يراهنون على إستقرار الأوضاع وتخطي هذه المرحلة الصعبة التي يمر بها لبنان.
ومهما صدر من بيانات من بعض أصحاب النقابات المحسوبين على جهاتٍ سياسية ، يحاولون تلميع صورة الوضع الحالي ، ويعمدون للتركيز على تفاؤل مصطنع بالوضع المستقبلي ، إنطلاقاً من فكّ الحصار الإقتصادي العربي وغير العربي على لبنان.
لكن ، يبقى السوء يُلاحق هذا البلد إقتصادياً وإجتماعياً وأخلاقياً وعلى كل المستويات ، ذلك أن ما زرعته عقول وأيدي السياسيين سيُجنيه الشعب والوطن ، وبالتالي فمزيدٍ من الإستهتار والضياع والتخبط والإنحدار.
لا يزال السياسيون كما الشعب يبكون على أطلال الماضي المجيد ، ذلك في اعتقادهم أن لبنان يبقى قبلة أهل الشرق والغرب على حدٍّ سواء ، فمهما ابتعدوا عنّا “رجعوهم لعِنّا” ، وتلك معادلة دُفنت إلى غير رجعة ، فالشعوب كما دول العالم في مكان ونحن في مكانٍ معاكسٍ تماماً.
هم تطوروا ونهضوا بواقعهم ونحن تطورنا إلى الوراء ، تطورنا إلى حد العجز عن إيجاد حلول لأزمة النفايات ، والتي لم ولن تجري نهاية لها ، لأن مصالح الجيوب مختلفة عن مصالح الناس والبلد.
كما لا بد من الاضاءة على نقطة هامة ، وهي ان علاقة لبنان بمحيطه القريب والبعيد كانت قائمة حصرا على مصلحة الخارج في دعم لبنان “الذي يُحبُّون” ويرغبون في جعله قبله استثماراتهم ، لا لكونه مستحق الدعم واليوم انتفت تلك المحبة والمصلحة لاعتبارات كثيرة.
وبالعودة إلى السوء الإقتصادي ، فالنفقات ما زالت في ارتفاع ومن دون مراقبة ، كلها تحت مسمى “نفقات الضرورة” ، وإستيراد الوزارات من الخارج من معدات وإنتاج لها ما زال الأغلى عالمياً ، في ظل تجار الفساد خاصة في ملف الدواء ، هذا ولم نأتي بعد صوب القطاعات التي تعرضت لإنتكاسة لا مثيل لها في تاريخ هذا البلد ، وإغلاق العشرات من المؤسسات وتجميد الأموال في المصرف ، في ظل ما يُحكى من خوف على الودائع ، وتوقف قروض الإسكان بفعل الأزمة الراهنة إلى أجلٍ غير معروف ، رغم الإطمئنان الكلامي بإعادة تفعليلها.
في المحصلة ، الايام القادمة سنعيش معها جمود أخطر من الحالي ، والبلد على مقربة من ان يضيع مِنّا ، بعد ان نضيع نحن عمّا قريب.