لا شيء في الدولة يوحي بأن الفرج بات قريبا، فالحكومة تربط نفسها بـ “مؤتمر سيدر” وبأمواله المنتظرة، والدول المانحة تنتظر الاصلاحات الموعودة التي تنطلق من تطبيق “خطة ماكينزي” وفق آلية صحيحة تُجنبنا “الكارثة اليونانية”.
وزارة المال التي تمتلك الحسابات الدقيقة لمصاريف الدولة اللبنانية يبدو أنها تعيد قراءة حساباتها بطريقة تثير قلقا من اتباع سياسة التقشف قدر المستطاع لأن “الخزينة فاضية”.
ويوضح الموردون والمقاولون والمتعهدون وكل المتعاملين مع الوزارات أن وزارة المال لم تدفع لهم فواتيرهم عن السنة الماضية وفق ما ينص قانون المحاسبة العمومية.
فالوزارات ترفع فواتيرها الى وزارة المال في تاريخ اقصاه الحادي والثلاثين من شهر كانون الاول، لتبدأ بعدها الوزارة بصرف المستحقات على دفعات وفي مدة اقصاها الخامس عشر من شباط، وقد تمتد المهلة بالعادة لشهر على الاكثر، ومن بعدها تعود الوزارة لتصرف بعض الفواتير المتأخرة أو غير المستحقة تحت بند “اعادة التدوير” الملحوظ بقانون المحاسبة العمومية في الشهر الخامس أو السادس، وتبدأ من جديد دورة الصرف عن السنة الجديدة.
اليوم هذه الآلية غير معتمدة بل على العكس ثمة خشية من المؤسسات والافراد الذين يتعاملون ماليا مع الدولة من تأخر دفع مستحقاتهم لسنة 2018، وفي حال نفذ هذا السيناريو فذلك يعني أن ديون العام الماضي التي ذهبت عبر التدوير لن تدفع هذه السنة.
وينتج عن ذلك نقص في السيولة وانكماش في الدورة الاقتصادية، فالشركات التي تتعامل مع الدولة فرملت اندفاعتها باتجاه الدولة وابتعدت عن المناقصات الكبيرة التي يلزمها رصد مبالغ مالية لا تتحمل وزر التأخير بصرفها من قبل الدولة، ما شكل ضربة للشركات المتوسطة لصالح تلك التي يملكها رجال اعمال كبار وقادرة على تحمل ديونها للدولة.
وتعكس هذه الخطوة مدى خطورة الازمة النقدية التي تعاني منها الدولة وحذر منها كبار المسؤولين في القطاع وهذا النهج بحسب الاقتصاديين يؤثر حكما على لبنان وموقعه بالنسبة للمجتمع الدولي.
المصدر: “ليبانون ديبايت” – علاء خوري