كيلو ‘الغنم’ بـ50 ألف ليرة و’البقر’ بـ30 ألفاً… قريباً تصبح اللحوم طبق العيد فقط!
المصدر : أسرار شبارو – النهار
“أن أقصد السوبرماركت لشراء اللحوم، صار من الذكريات. فبعدما كنت أقف أمام البراد، أختار ما أشتهيه من تتبيلات، شاورما، كبة نية، وكفتة وغيرها، إضافة إلى اللحم المفروم والغنم للطبخ، أصبحتُ مع ارتفاع الاسعار أمرّ مرور الكرام من أمام القسم المخصص لها، أقرأ الاسعار وأكمل طريقي من دون أن أتمكن من الشراء”.
بهذه الكلمات علّقت ربة المنزل سعاد المصري على الأسعار الهستيرية للحوم، مضيفة: “في السابق كنت أضع في الطبخة نصف كيلوغرام من اللحم لكي تكفي عائلتي المؤلفة من أربعة أولاد، وكنت أحرص على أن أكرر الأمر مرتين في الأسبوع، إذ كان كيلوغرام اللحم الغنم حينها 30 ألف ليرة، أما اليوم فيصل سعره إلى 50 ألف ليرة، ما يعني أن النصف كيلوغرام بـ 25 ألف ليرة، عدا عن سعر الخضار التي تحتاجه الطبخة، لهذا كله اختصرتُ الأمر بطبخة واحدة مع اللحوم في الاسبوع، وبدلاً من أن أضع نصف كيلوغرام لحمة صرت أضع وقية… (شِمّ وما تدوق)، فراتب زوجي لا يكفي عندما كان سعر صرف الدولار 1500 ليرة، فكيف الآن؟! مؤسف الوضع الذي نحن فيه. لم أتخيل يوماً أن نصل كلبنانيين إليه”.
“موس” على البائع والشاري
حال سعاد كحال باقي العائلات المتوسطة والفقيرة التي وجدت نفسها مجبرة على إلغاء اللحوم من قاموس طبخاتها، أو خفض الكمية التي كانت تتناولها، وإن كانت تعلن سخطها على بائعي اللحوم متهمة إياهم بالجشع، إلا أن اللحامين يؤكدون ألا علاقة لهم بتحديد الأسعار، وأنهم متأثرون سلباً من ارتفاع سعر صرف الدولار ويخسرون يومياً بسبب تلاعبه،
حيث قال بسام خليل الذي يمتلك ملحمة في بلدة العين البقاعية لـ”النهار”: “بما أن المواشي في لبنان مستوردة إذ لا يوجد لدينا ثروة حيوانية، وجدنا أنفسنا في عنق زجاجة تحكّم سعر صرف الدولار، وبعد أن كان كيلو اللحم الغنم بـ 25 ألف ليرة أصبح الآن بـ 45 ألف ليرة، أما اللحم البقر فكان سعره 14 ألف ليرة فأصبح بـ 30 الفاً”. وأضاف: “نحن نتحمل خسائر تلاعب سعر صرف الدولار، حيث أشتري اللحوم على سعر وأبيعها، وفي اليوم التالي يرتفع سعر الصرف فأجد نفسي مضطراً أن أتحمل فرق الدولار من جيبي، قبل فترة ارتفع سعر الصرف 600 ليرة فتسبّب بخسارتي مليون ونصف المليون ليرة في يوم واحد”.
وعن تراجع المبيع، شرح بسام: “في السابق كانت الدبيحة التي يصل وزنها إلى 500 كلغ، تباع في ذات اليوم وقد يبقى منها لليوم التالي، أما الآن فتبقى لأسبوع، فمن كان يشتري 2 كيلو لحمة أصبح يشتري وقية ونصف، ومن كان يشتري وقية ونصف توقف عن الشراء حيث اقتصر طبخه على الحبوب والمأكولات التي لا تحتاج إلى اللحوم، وإذا استمر ارتفاع سعر صرف الدولار لن يبقى هناك من يشتريه”.
تحذير مسبق
سبق أن حذّر مجلس نقابة تجار اللحوم في شهر تشرين الثاني الماضي من الوضع الراهن، وذلك بعد اجتماع طارئ عقده في مقر النقابة بحث خلاله “المستجدات التي طرأت حول وقف التسهيلات المصرفية المقدمة من المصارف ومنعها من تحويل العملات إلى الخارج، إضافة إلى امتناعها عن تسليم العملات الأجنبية للتجار لاستيراد اللحوم الحية والمبردة والمجلدة الى الأسواق اللبنانية، وما لهذه التدابير الخطيرة من انعكاس سلبي على وقف تغذية الأسواق اللبنانية بالمنتجات الغذائية وحرمان اللبنانيين منها، بعد إصابة عمليات الاستيراد بالشلل التام جراء هذه التدابير التعسفية التي تقدم عليها المصارف والتي يرفضها مجلس النقابة لعدم قانونيتها، خصوصاً أنها ستؤول حتماً إلى انهيار المؤسسات والشركات التجارية والسياحية والخدماتية في البلاد، وحرمان آلاف الموظفين والعاملين من عملهم وتهديد لقمة عيش عائلاتهم”.
موضحاً أنه “ليس لدى لبنان إنتاج حيواني أو لحوم أو أسماك لتغطية السوق المحلي إلا بنسبة ضئيلة جداً، وإن إجراءات المصارف الحالية ستؤدي حتماً إلى ارتفاع أسعار اللحوم بشكل هستيري يتجاوز أضعاف مما هو عليه الآن، وينذر بكارثة صحية وغذائية على كل الصعد”.
من جانبه، أكد نقيب مستوردي اللحوم غابي دكرمجيان لـ”النهار” أن”أسعار اللحوم لم تتغيّر، فهي ثابتة منذ سنوات، وما تغيّر هو سعر صرف الدولار الذي تسبب بكوارث على القطاع، خسائرنا كبيرة وأموالنا في السوق تبخر معظمها، مع إغلاق بعض الفنادق والمحلات”. وأضاف: “لا تسهيلات مصرفية لتيسير الاستيراد ونحن نعتمد على الـ fresh money للشراء”.
إذا استمر الوضع على ما هو عليه ستباع اللحوم على ميزان الذهب، وستصبح طبق العيد عند الفقير، فإلى متى سيستمر هذا الوضع المعيب؟!