تفاقم «داء» الإنكار وتعظيم الذات لدى حاكم مصرف لبنان رياض سلامة إلى مرحلة تفوق الوصف. ففي لقاءين عقدهما في اليوم نفسه مع هيئات أصحاب العمل ومجلس إدارة جمعية المصارف، كرّر حرفياً: «الليرة بخير، والودائع بخير، طولو بالكن شوي». كلام ملهم جداً من الرجل الذي حفّز موجات التضخّم السريع والحاد لمدّة ثلاث سنوات متتالية من أجل إطفاء خسائر النظام المالي الذي أداره لمدّة 28 عاماً متواصلة.
يبدو أن مرض الإنكار بلغ مرحلة متقدّمة مع حاكم مصرف لبنان رياض سلامة. فمنذ فترة وجيزة، التقى سلامة على حدة، بممثلي هيئات أصحاب العمل وممثلي جمعية أصحاب المصارف، في اليوم نفسه، وقال لهم بكثير من الجديّة كلاماً «عجيباً» ينطوي على الكثير من «تعظيم الذات» وإظهار عقد الطفولة. فقد تفاخر أمام الجميع بأنه الرجل الذي يحرّك وزير المال، وأنه لا يزال يتحكّم بكل المفاصل المتعلقة بدورة الحياة الاقتصادية مهما كان شكلها ونوعها.
بشكل أو بآخر، استعرض سلامة قوّة نفوذه التي لا حدود لها. فالآخرون، أي قيادات الحكم الذين ينوب عنهم في إدارة البلد، هم جاهلون اقتصادياً ومالياً ونقدياً، ويرتكزون عليه في كل ما يسعون لفعله.
هم لطالما كانوا كذلك منذ مطلع التسعينيات إلى اليوم. بالنسبة إليهم هو المنفذ المالي والاقتصادي باسمهم، وهو مصدر التوزيع الأساسي للمغانم والمنافع عليهم، وهو الناظم للعلاقات المالية في ما بينهم، سواء كانت على شكل توزيعات طائفية أو مناطقية أو سياسية. كان هو الرجل الذي لم يقل «لا» لأحد، واستمرّ إلى اليوم بالشكل نفسه. هو كذلك، لأن الآخرين لديهم ملاعب سياسية وحدود طائفية ومناطقية، إنما ليس لدى رياض أي حدود بهذا المعنى. فهو يقرّر من يربح ومن يخسر.
أما كل “همروجة” إسقاطه واستبداله ، فكانت مجرد هرطقات فارغة ، وتمثيليات مصطنعة لا قيمة لها ، فرياض سلامة الحاكم بأمره ، وهو وحده من يدير اللعبة ومعها الجميع.