خاص –شبكة تحقيقات الإعلامية
تزايدت في الآونة الأخيرة حالات الهجرة غير الشرعية في البحر ، عبر زوارق تنطلق أغلبها من مناطق في طرابلس وعكار نحو تخوم الدول الاوروبية ، حيث حلم الشباب والعائلات في المناطق اللبنانية المنكوبة والمحرومة ، علّهم يحظون هناك بفرص التعامل معهم على أنهم من بني البشر.
هؤلاء الذين يرحلون عبر زوارق الموت ، لا يأبهون لكل المخاطر ، ولا ينظرون لهذا الكمّ من الوجع الذي رافق رحلاتٍ سابقة ، حيث الغرق والموت في قعر البحر ، إلى درجة تحلُّل بعض الجثث وبقاءها في مكان تعطّل مركباتهم أو غرقها، على مسافةٍ يُصعب الوصول إليها.
لا اكتراثهم لا يدلّ على عدم خوفهم ، لكنهم فضّلوا الموت السريع أو العبور السريع إلى أوروبا (إذا ما نجحت رحلتهم)، على عيشةٍ قاسيةٍ يزرحون تحت وطأتها كل يوم ، على اللاعدالة في الحياة بأكملها ، على رؤية عمرهم يضيع وشيبهم يقترب من وجوههم ، على معاناة الكهرباء والماء والخبز ، على الفقر البشع بكل أساليبه ومقايسه وحدوده.
أسوأ ما وصل إليه أبناء هذا البلد، هي المفاضلة بين الأكثر والأقل سوءًا ، فلا بديل، كما لا خيارات إضافية، فإما الموت في رحلة غير مضمونة النتائج على الإطلاق ، أو تحت وطأة اشتداد الفقر وغياب الإنماء وانعدام العدالة وضياع الفرص.
في كلا الحالتين ، فالنتيجة واحدة ، وبين هذا وذاك ، هناك ذات المسؤول الذي إما يستغل أوجاع الناس ليلتقط صورة على حساب موتهم ، أو يستغل تعاسة وجودهم، ليجعل منهم مجرد رافعة سياسية وإنتخابية له، ثم ينسى عمداً لاحقاً أنهم موجودون.