تعيش الناس في لبنان حياة مقلوبة، فتتظاهر بالفرح من خلف زينة الميلاد، وتعيش داخل جدران منازلها على حافة الفقر والجوع، آملةً في أن يعود الوطن إلى الأيام التي سبقت الحرب الأهلية فيه، أو ربما إلى فترة الحرب نفسها، حيث رغم الفلتان الأمني والعسكري، لكنّ الخيرات كانت موجودة حينها، والناس كانت تنعم بدفء السيولة، ومَقدِرتها على شراء حاجياتها، كما أن الخدمات على اختلافها من تعليمية وصحية كانت متوافرة، بعيداً عمّا يجري اليوم من الموت على أبواب المستشفيات، بهذه الطريقة الملتوية والوقحة.
الأسواق التجارية تعجّ بالناس، لكن دون أن تتمكن هذه الأخيرة من شراء ما تريده، فقط تقف متفرجة على جمال الزينة وتنبهر بما هو معروض هناك، دون امكانيتها على شراء حتى أبسط الأمور، فتعود أدراجها مرغمة على أن تعيش الكأس المُرّ مع انعدام السيولة بين أيديها، وغياب أي أفق لمستقبل أفضل.
التجار يأملون في عودة الازدهار الاقتصادي، وأن تعمد الدولة عبر الادارات المعنية لحلحلة الوضع السياسي، الذي ينعكس ايجاباً على الاقتصاد والبلد بشكل عام، لكنها تتفائل بحذر وتحاول عرض بعض ما لديها والشراء بكميات محدودة، كي لا تتحمل خسائر هي بالغنى عنها.
الواقع الهشّ على مستوى الوطن ككل، ينعكس سلباً على الاقتصاد، فينعكس بدوره على مختلف القطاعات وعبره على الناس بمختلف فئاتها وأطيافها، وبالتالي الاستمرار في ذات الدوامة من الانحدار والانعزال، إلا أن تُفرج السلطة السياسية عن البلد وتُخفف من “ولدنتها السياسية”، أو تُفرج الناس عن البلد عبر إسقاطها هذه الطغمة السياسية بشكل جماعي في صناديق الإقتراع في الانتخابات النيابية القادمة.