تحت عنوان «وصايا» رياض سلامة: تعوّدوا على الفقر… الدو.لار إلى 35 ألف ليرة، كتبت رلى ابراهيم في الأخبار، ضمن عددها الصادر اليوم:
بحسب قانون النقد والتسليف، إحدى مهامّ حاكم مصرف لبنان هي أن يقدّم استشارات مالية واقتصادية للحكومة.
من هذا المنطلق، وقبيل تأليف الحكومة، أعدّ رياض سلامة البرنامج المالي للإصلاح والنهوض كما يراه مناسباً وأبلغه إلى وزير ماليّته يوسف خليل.
في ما يلي خطّة حاكم البنك المركزي لتوزيع الخسا ئر و«تحسين» رواتب القطاع العام و«إنجاز» الحفاظ على سعر الدو لار… عند سقف 35 ألف لير ة!
في حزيران 2019، أحبط مصرف لبنان وجمعية المصارف بالتعاون مع لجنة تقصي الحقائق النيابية خطة حكومة حسان دياب للتعافي المالي. لم يكن الأمر مجرّد صراع سياسي انتهى بتغلّب طرف على آخر، بل كان الأمر أشبه بجر يمة مالية تهدف إلى التخلص من أي مشروع لتوزيع الخسا ئر بطريقة عادلة واستبداله ببرنامج يقوم على بند وحيد هو تحميل الخسا ئر كلها إلى المودعين والمواطنين على حدّ سواء.
مذذاك، تستتبع أكبر عملية نهب للأموال بالتوازي مع تذويب خسائر مصرف لبنان والمصارف للهروب من أي عملية مساءلة أو تحمل للمسؤولية. كان أمام حاكم مصرف لبنان رياض سلامة خياران:
1- الانخراط في خطة علمية لإعادة إنهاض القطاع المصرفي يبدأ بإعادة هيكلة مصرف لبنان والمصارف ثم استرداد الأموال المهر بة والمنهو بة وأموال المودعين للوصول إلى حلّ عادل يقضي بتحميل البنك المركزي والمصارف ومجالسها والمساهمين فيها كما الـ1 في المئة من أصحاب الثروات جزءاً يسيراً من وزر هذه الأزمة.
2- تطوير مخطط الاحتيا ل حتى اختلاس آخر دولار في أصغر حساب مصرفي.
ولأن حاكم مصرف لبنان هو نفسه الذي تسبب وغذّى انهيار الليرة اللبنانية وتلاعب بسعر الصرف وواكب انهيا ر القطاع المصرفي وميزان المدفوعات، ويعاني «مصرفه» من فجوة فادحة تلامس الخمسين مليار دو لار، إضافة إلى خسا ئر متراكمة في ميزانية «المركزي».
كان البديهي، بالنسبة إليه، أن يستعجل ويوظف كل أدواته في الخيار الثاني، مستفيداً من النظام السياسي الذي يحميه.
لذلك، جرى إسقاط خطة الحكومة لتستمر خطة سلامة ورفاقه. بعد تكليف نجيب ميقاتي لتشكيل الحكومة، اكتمل برنامج الحاكم مع سابق الإصرار والتصميم والاتفاق على التمسك بيوسف خليل، مدير العمليات (الهندسات) المالية في مصرف لبنان، وزيراً للمالية في أي حكومة بمعزل عن هوية رئيسها.
فأخيراً، أبلغ سلامة مشروعه لخليل كما لبعض المسؤولين، بانتظار أن يوضع على نار حامية مع تشكيل الحكومة.
لاءات سلامة الثلاث: لا لصندوق النقد، لا للمبادرة الفرنسية ولا للتدقيق الجنائي
«لا صندوق النقد، ولا برنامج إيمانويل ماكرون، ولا تدقيق جنائي»، تلك اللاءات هي النقاط الرئيسية في خطة سلامة «الإصلاحية»، مع استثناء بسيط يقضي بـ«استخدام» صندوق النقد للمساعدة على مفاوضة الدائنين أو للحصول على «ميني برنامج» يفرض فيه رؤيته المالية والاقتصادية.
وبحسب مسؤولين رسميين، أضاف الحاكم نقطة أخرى تُعنى بالقطاع العام، وبكيفية استيعاب الموظفين الرسميين نتيجة تراجع القدرة الشرائية لرواتبهم التي بات بعضها يساوي أقلّ من 100 دو لار.
اقترح سلامة سلوك الطريق نفسها التي سلكها مصرف لبنان والمصارف، أي تحويل رواتب القطاع العام إلى الدولار ثم السماح لهم بتقاضيها على سعر صرف يوازي 3900 ليرة لبنانية، ما يعني عملياً مضاعفتها بنسبة 2.6 مرات. ووفقاً للحاكم لن يؤدي هذا الإجراء إلى زيادة النقد بالتداول.
إذ يقترح زيادة الإيرادات الضريبية والدولار الجمركي (سبق لوزير المال غازي وزني أن عقد اجتماعاً مع خبراء اقتصاديين للنقاش حول المسألة) لتعويض هذا الفائض.
بالإضافة إلى السيولة التي تملكها وزارة المال والتي تكفي حكماً لتصحيح أجور القطاع العام من دون إجبار مصرف لبنان على طبع المزيد من النقد (باستثناء الليرات التي يطبعها لتسديد جزء من الودائع بالعملة اللبنانية)، ومن دون التسبب برفع سعر صرف الدولار بنسبة 100 في المئة بل حصره بنسبة لا تتخطى 30 في المئة.
لكن رفع الأجور من مليون و500 ألف ليرة على سبيل المثال إلى 3 ملايين و900 ألف ليرة، سيسعد الموظفين.
ولكنه لن يأتي مجاناً وكـ«مساعدة» من سلامة أو وزير ماليته، بل سيذوب سريعاً ضمن خطة الإفقار المعتمدة من قبله، نتيجة زيادة الإيرادات الضريبية وتضخّم أسعار السلع حتماً بالتزامن مع زيادة سعر صرف الد ولار والمزيد من الانهيار في الليرة…