facebook-domain-verification=oo7zrnnwacae867vgxig9hydbmmaaj

تحقيقات| فلسفة الإسلام .. بقلم: الشيخ عباس حرب العاملي

بقلم: الشيخ عباس حرب العاملي
أن فلسفة الإسلام التي تحكم المسلم في معاملة غير المسلم، وهناك حقيقة لابد أن يؤمن بها كل عاقل وهي أن كل ذي دين يعتز بدينه، يعتقد أنه الحق؛ يستوي في ذلك أصحاب الشرائع السماوية والمذاهب المادية والوضعية وتلك هي طبيعة الإنسان الذي وصفه الله بقوله: ﴿وَكَانَ الإنْسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلاً﴾ (سورة الكهف: الآية54).
وشريعة الإسلام هي الرسالة الخاتمة ولها فلسفة خاصة زودت بها المسلم كي يتعامل مع أخيه الإنسان بغض النظر عن عقيدته وجنسه ولونه ووطنه، وهذه المفاهيم التي رسختها شريعة الإسلام في أبنائها جعلتهم يتعايشون مع طوائف البشر ومع كل الأيدولوجيات بعقلانية وتسامح واعتدال انطلاقاً من القاعدة الشرعية التي تحكم الجماعة المسلمة: «لهم ما لنا وعليهم ما علينا».
ومن بين هذه الفلسفات:
1 – الاعتقاد بأن الله هو الخالق للإنسان:
إن الإنسان الذي قصدته الشريعة هو جنس الإنسان بغض النظر عن عقيدته ولونه وجنسه ووطنه: ﴿إِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلٰئِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِنْ طِينٍ﴾ (سورة ص: الآية 71).
2 – الاعتقاد بكرامة الإنسان:
لقد كفل الإسلام الكرامة الإنسانية لكل بني آدم ولم يفرق بين إنسان وإنسان، قال تعالى: ﴿وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلا﴾ (سورة الإسراء: الآية 70).
* وهذه الكرامة التي قررها الإسلام توجب لكل إنسان حق الاحترام والرعاية، ومن الأمثلة العملية على احترام الإسلام للنفس البشرية.
3 – الحث على ضرورة التعامل مع الآخر:
* إن الاعتقاد السائد لدى المسلم والذي تعلمه من شريعته السمحاء أن المسلم لا يمكن أن يعيش وحده أو يحيا بمفرده مهما كانت إمكاناته وقوته فعجلة الحياة لم ولن تسير إلا بالتعاون بين الجماعات والدول؛ لأن التعاون هو سنة الحياة، قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنٰكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنٰكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ أَتْقٰكُمْ إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ﴾ (سورة الحجرات: الآية13).
4 – الاعتقاد بأن اختلاف الناس في الدين واقع بمشيئة الله وحده:
* لقد علم الإسلام أبناءه بأن اختلاف الناس في العقائد مرده إلى الله، ومن يعتقد خلاف ذلك فقد تأبى على الله ورد عليه مشيئته.
* قال تعالى: ﴿وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ ﴾ (سورة هود: الآية 118).
5 – الاعتقاد بمبدأ الوحدة الإنسانية:
من الحقائق التي أكد عليها الإسلام لتكون معتقدًا لأبنائه وحدة الأصل البشري، فكل البشر ينتمون لأب واحد وأم واحدة وهما آدم وحواء وهذا رباط نسبى وثيق يربط المسلم بغيره من أصحاب الشرائع والمذاهب والفلسفات الأخرى، قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأرْحَامَ إِنَّ اللهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا﴾ (سورة النساء: الآية1).
6 – الاعتقاد بمبدأ المساواة:
ومن الفلسفات التي تحكم المسلم وتزوده بمنهجية التعامل مع غيره من بني البشر من غير المسلمين التأكيد على مبدأ المساواة ومن ذلك قوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنٰكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنٰكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ أَتْقٰكُمْ إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ﴾ (سورة الحجرات: الآية 13).
هذا وقد قص القرآن على أبنائه ما يؤكد معاملة غير المسلم بنفس المعيار الذي يعامل به المسلم في قوله تعالى: ﴿إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتٰبَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللهُ وَلا تَكُنْ لِلْخَائِنِينَ خَصِيمًا…﴾ (سورة النساء الآيات: 105).
إن مبدأ المساواة بين الإنسان وأخيه الإنسان بغض النظر عن عقيدته ولونه وجنسه هو ما طبقه الرسول الأعظم في واقع حياته ومع أصدقائه وأعدائه وحلفائه.
7 – الاعتقاد بتكامل الشرائع:
ومن الفلسفات التي تحكم المسلم الاعتقاد بتكامل الشرائع فلقد علم الإسلام أبناءه بأن شرائع السماء متصلة الحلقات لا تنفصم عراها، ولا تنفصل حلقاتها، فشرع ما قبلنا هو شرع لنا في جميع الأمور ما لم يرد نص يخالفه أو يخصصه.
وما تلتقى عليه شريعة الإسلام وغيرها من الشرائع مساحة مترامية الأطراف تكفى لجمع الكلمة وتؤدي إلى التعاون وتنمي عاطفة الحب والإخاء: ﴿وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتٰبَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتٰبِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ …﴾ (سورة المائدة من الآية: 48).
وفي تكامل العقائد نقرأ أيضاً قوله تعالى: ﴿شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ اللهُ يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ يُنِيبُ﴾ (سورة الشورى الآية: 13).
8 – وجوب العدل مع المسلمين وغيرهم:
إن الإسلام هو دين الرحمة ونبي الإسلام هو نبي الرحمة وليست رحمته للمسلمين وحدهم وإنما هي الرحمة العامة لجميع الخلائق: ﴿وَمَا أَرْسَلْنٰكَ إِلاَّ رَحْمَةً لِّلْعٰلَمِيْنَ﴾ (سورة الأنبياء الآية: 107).
وهذه الرحمة تجلت في وصية المسلمين بالعدل مع غير المسلمين والتحذير مِنْ ظُلْمِهِمْ حتى ولو كانوا كفارا، قال تعالى: ﴿وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ﴾ (سورة المائدة الآية:8).
وإذا كانت هذه هي تعاليم الإسلام في معاملة غير المسلمين فإن أهل الكتاب لهم مكانة خاصة ومعاملة خاصة لدى المسلمين تنفيذًا لتعاليم دينهم الحنيف فالقرآن يناديهم بأحب الأسماء إليهم: ﴿ يَا أَهْلَ الْكِتٰبِ تَعَالَوْا إِلَىٰ كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلا نَعْبُدَ إِلا اللهَ وَلا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ﴾ (سورة آل عمران الآية:64).
والقرآن يشير بهذا إلى أنهم في الأصل أهل دين سماوي بينهم وبين المسلمين رحم وقربى تتمثل في أصول الدين الواحد الذي بعث الله به أنبياءه جميعاً ﴿شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرٰهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ …﴾ (سورة الشورى الآية: 13).
كما أكدت شريعة الإسلام الغراء أن المسلمين مطالبون بالإيمان بكتب الله قاطبةً ورسل الله جميعاً ولا يتحقق إيمانهم إلا بهذا قال تعالى: ﴿قُولُوا آمَنَّا بِاللهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ إِلَى إِبْرٰهِيمَ وَإِسْمٰعِيلَ وَإِسْحٰقَ وَيَعْقُوبَ وَالأسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ﴾ (سورة البقرة الآية:136).
كما وجههم إلى مجادلة أهل الكتاب في حالة ضرورة المجادلة بالتي هي أحسن بعيداً عن المراء الذي يوغر الصدور ويجلب العداوة، قال تعالى: ﴿وَلا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتٰبِ إِلا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ وَقُولُوا آمَنَّا بِالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَأُنْزِلَ إِلَيْكُمْ وَإِلَهُنَا وَإِلَهُكُمْ وَاحِدٌ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ﴾ (سورة العنكبوت الآية:46).
وفي حالة عدم تسليم أهل الكتاب بالحقائق، فما على المجادل المسلم من سبيل سوى الإعلان عن هذه الحقيقة وترك الجدال قال تعالى: ﴿قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتٰبِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلا نَعْبُدَ إِلا اللهَ وَلا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ﴾ (سورة آل عمران الآية:64).
وحتى يكون هناك التقارب ودوام الصلة والمحبة بين المسلم وإخوانه من أهل الكتاب أباح الإسلام لأبنائه مؤاكلة أهل الكتاب ومصاهرتهم بالتزاوج من نسائهم قال تعالى: ﴿وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتٰبَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتٰبَ مِنْ قَبْلِكُمْ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ وَلا مُتَّخِذِي أَخْدَانٍ وَمَنْ يَكْفُرْ بِالإيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ﴾ (سورة المائدة الآية:5).
هذه هي تعاليم الإسلام في معاملة أهل الكتاب عامةً، أما النصارى فلهم معاملة أخص لعدة أسباب منها ما ورد بالآية الكريمة: ﴿وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَوَدَّةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَانًا وَأَنَّهُمْ لا يَسْتَكْبِرُونَ * وَإِذَا سَمِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُوا مِنَ الْحَقِّ يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ * وَمَا لَنَا لا نُؤْمِنُ بِاللهِ وَمَا جَاءَنَا مِنَ الْحَقِّ وَنَطْمَعُ أَنْ يُدْخِلَنَا رَبُّنَا مَعَ الْقَوْمِ الصَّالِحِينَ * فَأَثَابَهُمُ اللهُ بِمَا قَالُوا جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ جَزَاءُ الْمُحْسِنِينَ﴾ (سورة المائدة الآيات: 82-85).
وهذه الوصايا المذكورة تشمل جميع أهل الكتاب حيث كانوا، غير أن المقيمين في ظل دولة الإسلام منهم لهم وضع خاص، وهم الذين يسمون في اصطلاح المسلمين باسم (أهل الذمة) والذمة معناها العهد وهي كلمة توحى بأن لهم عهد الله وعهد رسوله وعهد جماعة المسلمين أن يعيشوا في ظل الإسلام آمنين مطمئنين.
وقد شدّد النبي الأكرم في الوصية لأهل الذمة وتوعد كل مخالف لهذه الوصايا بسخط الله وعذابه.
قال (ص): «من آذى ذمياً فقد آذاني، ومن آذاني فقد آذى الله»، «من آذى ذمياً فأنا خصمه ومن كنت خصمه، خصمته يوم القيامة».
وقد أوصى رسولنا الكريم بحسن معاملة النصارى فقال (ص): «استوصوا بالقبط خيراً، فإن لكم منهم نسباً وصهرًا».

حقاً إن عباءة الإسلام تتسع للمسلمين وغيرهم؛ لأنه دين الألفة والمحبة والتسامح والسلام قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنٰكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنٰكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ أَتْقٰكُمْ إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ﴾ (سورة الحجرات: الآية13).
والحمد لله رب العالمين

عن investigation

شبكة مختصة بالرصد الإعلامي من لبنان إلى العالم. نعتمد أسلوب التقصِّي في نقل الأخبار ونشرها. شعارنا الثابت : "نحو إعلامٍ نظيف"

شاهد أيضاً

حشود كبيرة تدخل بشكل يومي … المعابر غير الشرعية تعجّ بالسوريين والمُسهِّل مافيا لبنانية مُتشعِّبة

خاص – شبكة تحقيقات الإعلامية رغم كل الجهود المبذولة من قبل الجيش اللبناني ، على …

error: Content is protected !!