أسبوع تلو الآخر، يستمر انهيار سوق السندات العالمي، دون وجود نهاية واضحة لهذا الانهيار، ومع قيام البنوك المركزية في جميع أنحاء العالم برفع معدلات الفائدة بقوة لمواجهة التضخم، تنخفض أسعار السندات بشكل حاد، إذ تراجعت سندات المملكة المتحدة لأجل خمس سنوات بأكبر قدر منذ عام 1992، بعد أن طرحت الحكومة خطة ضخمة لخفض الضرائب.
كما تشهد سندات الخزينة الأميركية لأجل عامين أطول سلسلة خسائر متتالية منذ 1976 على الأقل، وسط تراجعها لمدة 12 يوماً على التوالي. وقال الخبراء الاستراتيجيون في “بنك أوف أميركا كورب” إن أسواق السندات الحكومية تسير في طريقها نحو أسوأ أداء سنوي منذ عام 1949، عندما كانت أوروبا تعيد بناء نفسها عقب الحرب العالمية الثانية.
وتوضح الخسائر في السندات مدى الاختلاف الكبير بين السياسات النقدية للاحتياطي الفيدرالي والبنوك الأميركية الأخرى الحالية، والسياسات التي اتبعتها نفس البنوك في فترة وباء كورونا ، عندما أبقوا معدلات قريبة من الصفر للحفاظ على النشاط في اقتصاداتهم.
وتسبب الانعكاس بالسياسة النقدية للبنوك المركزية في ضغط كبير على كل شيء، بحسب تقرير نشرته وكالة “بلومبيرغ”، امتد من أسعار الأسهم إلى أسعار النفط، وذلك بسبب استعداد المستثمرين لركود اقتصادي محتمل.
وأما السندات الأميركية ذات العوائد طويلة الأمد، مثل أجل 10 سنوات فيتم تداولها عند عوائد 3.82 بالمئة، وهو أعلى مستوى في 12 عامًا. وسجلت أسعار سندات الخزانة الأميركية تراجعًا قويًا خلال تعاملات الإثنين، ليصعد العائد على السندات لآجل عامين أعلى من 4.3 بالمئة لأول مرة منذ أغسطس 2007، كما صعد العائد على السندات البريطانية فوق 4.5 بالمئة.
قال بيتر بوكفار، كبير مسؤولي الاستثمار في مجموعة “بليكلي” الاستشارية، إن سنوات أسعار الفائدة شديدة الانخفاض قد انتهت حاليًا، وأشار إلى أن سندات الأسواق العالمية يتم تداولها في الوقت الراهن كما يتم تداول السندات في الأسواق الناشئة، وأن أكبر فقاعة مالية في تاريخ الفقاعات بالسندات السيادية مستمرة في الانكماش.
وسجلت السندات تراجعًا كبيرا عندما رفع الفيدرالي الأميركي معدل الفائدة بواقع 75 نقطة أساس إلى مستوى 3 إلى 3.25 بالمئة، وهي المرة الثالثة بنفس القيمة، والخامسة خلال العام. ويتوقع صناع السياسة أن معدلات الفائدة قد تصل إلى مستوى 4.5 بالمئة، ومن ثم سيتم المحافظة عليها عند المستوى لفترة من الوقت، رغم إمكانية حدوث تأثيرات سلبية على الاقتصاد.