خاص شبكة تحقيقات الإعلامية
ليست الودائع التي تُقدَّم للدول، مُجرَّد طاقة إنسانية أرادت دولة غنية أن تفتحها في جدار الأزمة التي تواجه دولة أخرى، فتقديم الودائع دون مُقابل أمرٌ لا ينطلي على أحد، خاصة في العصر الحديث، حيث لا وديعة تُقدم إلا بشروط وإتفاقيات تجري من تحت الطاولة، واهمها تمرير مشاريع إستثمارية وطَرف النظر عن تطبيق بعض القوانين فيما يخُص تلك العمليات الإستثمارية.
مُؤخراً قدمت الإمارات مليار دولار لمصر وديعة لدى البنك المركزي ل 6 سنوات، لتعزيز مسيرة البناء والتنمية وتقديرا لدور مصر المحوري في المنطقة، حسب ما صرَّح به محمد سيف السويدي مدير عام صندوق أبوظبي للتنمية.
ما يُميِّز الوديعة عن القرض أنها من دون فائدة، حيث يتم إستردادها كما هي بعد إنقضاء المدة المطروحة من دون فوائد تُذكر أو معاملات وخلافها، لكنها في المقابل تفرض على الدولة الحاصلة على الوديعة أن تقف دائماً في صف الدولة المانحة طيلة الفترة المحددة، تحت حجة مُقابلة الجميل بأحسن منه، فضلاً عن معاملة تجار الدولة المانحة بحذر والحرص على عدم “زَعلهم” وتقديم ما يلزم لهم دون حاجة لمعاملات روتينية وأوراق قد يتم الإستغناء عنها.
لا يقف الأمر عند هذا الحد، فقد يتم إلزام الدولة بمواقف لا تخدم مصالحها ولا تعنيها، وهذا أخطر ما في الموضوع، والأمثلة كثيرة في هذا الخصوص، خاصة إن لم يكن للدولة من قدرة بعد إنتهاء مدة الوديعة من إعادتها ومطالبتها بوديعة إضافية، فهنا تضطر الدولة للتوقيع على “بياض”، كل ما يخدم الدولة الأوقى، حتى ولو كان الأمر فيه من الخطر عليها ما يجعلها مُقيَّدة.