خاص تحقيقات – سارة الشامي
منذ الحرب العالمية الاولى عام 1914 سلط الغرب الضوء على ضرورة تقسيم العالم العربي فالهدف من وراءذلك هو إضعاف الدول العربية والعمل على نهب وسرقة ثرواتها.
هذا التقسيم اتخذ شكلا حالياً له عبر وجود دولاً صغيرة تتمتع بثروات نفطية هامة ودولاً كبيرة من ناحية العدد السكاني وفقيرة الموارد والإمكانيات ,مما منع من نشوء سوق إقليمية عربية يتيح لها تعاون اقتصادي فيما بينها لتسهيل إنتقال السلع والأفراد وقيام صناعات مشتركة مع ما ينجم عن ذلك ايضا من وجود صناعات تجميعية (المقصود هنا تقسيم إنتاج السلعة إذ يتولى صناعة كل جزء منها الدولة التى تتوفر فيها الشروط اللازمة لإنتاجها) بغية تعزيز الشراكة وخفض كلفة الإنتاج .
إن الدول العربية التي تتمتع بثروات نفطية وما ينجم عن ذلك من موارد مالية لم تسعى من خلاله إلى دعم القطاع الصناعي كما هو حال الصناعة التحويلية .
إن اعتماد اقتصادات الدول العربية النفطية على الصناعة اللإستخراجية(النفط والغاز..)بنسبة 80% من الناتج المحلي دون وجود الاستراتيجية لديها في إدارة وتمويل الإقتصاد لا تعبر إلا عن بدائية في التفكير والتخطيط من قبل اصحاب السلطة في هذه الدول ، كون الصناعة الإستخراجية ترتبط ارتباطا وثيقاً باقتصادات الدول التي تصدر اليها النفط ومن اهمها الولايات المتحدة والاتحاد الاوروبي وغيرها من الدول وبالتالي فإن أي ازمة اوإنتكاسة تصيب الاقتصادات الغربية سيؤدي حتماً الى تضرر اقتصاد الدول النفطية بفعل انخفاض الطلب على النفط وما يترتب عليه من انخفاض للاسعار وخسائر على صعيد الصناعة الاستخراجية مما سيؤدي إلى التدهور على الناتج المحلي بفعل أن ليس له من تمويل إلا الصناعة الاستخراجية التي تأخذ الحيز الأكبر من إجمالي الناتج المحلي على عكس الصناعة التحويلية التي تأخذ الحيز الأقل .
الإمارات عام 2010 حصلت الصناعة التحويلية فيها على ما نسبته 16.2% من إجمالي الناتج المحلي بينما الصناعة الاستخراجية فكانت ما نسبته 51.5% ، إذ يُعتبر قطاع الخدمات لديها ثاني أكبر قطاع إقتصاد في العالم حيث يبلغ حوالي 47.6% ، أما في قطر فتبلغ الصناعة الإستخراجية 40.3% و 8.8% للصناعة التحويلية من الناتج المحلي عام 2012 وفي في عام 2013 وصلت نسبة الصناعة التحويلية في السعودية13.4 %.
كل ما ذُكر ، يوصلنا الى تعريف إقتصاد الدول العربية النفطية بأنه إقتصاد الغير طبيعي فهذه الدول لم تسعى على مر الزمن إلى تغيير توجهات خطتها الإقتصادية عبر جعل الصناعة التحويلية تحتل الحيز الاكبر من دعمها وتمويلها مما يتيح لها تامين الإكتفاء الذاتي عبر زيادة منتجاتها الاستهلاكية مما ينعكس انخفاض للاستيراد من الخارج وخلق فرص عمل وافرة عكس الصناعة الاستخراجية التي تعتمد على المعدات التكنولوجية اكثر من اعتمادها على اليد العاملة وهذا يفسر لنا ان التنمية الحقيقية التي تركز على دعم الصناعة الثقيلة يجب ان تستفرد بتكنولوجية خاصة بها تسمح لها بالمنافسة في السوق الخارجية كي تودي بنمو طويل الاجل.
أما الدول العربية الفقيرة التي تفتقر للرساميل والاستثمار وانما غنية بكوادرها البشرية كحال لبنان والاردن وغيرها من الدول فتخلفها يعود لسياساتها الإقتصادية الضعيفة وغير الجدية كما هو الحال في لبنان الذي إتخذ من قطاع الخدمات العامود الفقري لإقتصاده ضارباً بعرض الحائط كل من قطاع الصناعة والزراعة فقطاع الخدمات من أكثر القطاعات المرتبطة بإستقرار الوضع الأمني وهذا ما يفتقر له لبنان .
الدول العربية هي ضحية اطماع الدول الغربية نظراً لما تمتكه من ثروات، أما الحروب التي تتعرض لها فهي مدعومة برساميل بعض الدول العربية بسبب جهلها وافتقادها للانتماء العربي.
كل ذلك هدفه تحقيق تقسيمات ما زالت قيد الطرح لتشكيل خريطة جديدة للعالم العربي بوجه تكون كتلة عربية تتمتع بالقوة الاقتصادية والسياسية للتاثيرعلى الاسواق العالمية وعلى صياغة المراسيم والمواثيق لدى المنظمات والاتفاقيات الدولية .
إن تكوين اقتصاد عربي قوي ومتكامل فيما بينه ليس بالامر الصعب لما يتوفر لدينا من موارد مالية ، طبيعية وبشرية الا ان العوائق التي تحول دون قيام ذلك هو غياب الارادة الحقيقية بين اصحاب السلطة لتكوين إتحاد بين الدول العربية من جهة ومن جهة اخرى تبعيتها للخارج الذي ليس له المصلحة بقيام وحدة عربية على كافة الصعد فالغرب لا يلام كونه يسعى لتأمين مستقبل يضمن فيه إستمرارية التقدم والنمو لشعبه .
هذا يسمح لنا أن نستخلص ان السياسة لدى الدول الغربية تتبع منفعتها الإقتصادية على عكس الدول العربية حيث إقتصادها يتبع توجهاتها السياسية العقيمة .