بات تأمين ربطة الخبز حلم يومي لعشرات العائلات اللبنانية من اقصى الشمال لأقصى الجنوب ، حلم قد يقف في وجع طعامهم اليومي ، المتمثل في خبزٍ ناشف يقيهم شر الجوع الكافر.
نعم ، لا تستغربوا ولا تثيركم الدهشة ، ولا تضحكوا على خبرٍ قد تقررون أنه من نسج اللاواقع ، وبادروا لشراء الخبز في مثل هذه الحالة ، واعطوهم للعشرات من تلك العائلات والتي ما عادت مخفِيَّة او مخبأة ، وبعدها استغربوا كما شئتم!.
ففي شمال لبنان من طرابلس مروراً بعكار ، وفي الجنوب كما البقاع وبعض مناطق بيروت والجبل ، عائلات تعيش على حلم تأمين ربطة خبز بشكل يومي لاسكات جوعها الكافر ، في ظل عجز ربّ البيت عن ايجاد عمل بعدما ضربت البطالة أعناق السماء ، واصبح الوضع الاقتصادي ينخر عظام اللبنانيين ، وبعدما ازدادت الديون على الناس بشكل كبير ومخيف.
وفي جولة لتحقيقات على عدد من الدكاكين المنتشرة في الاحياء لا سيما الشعبية منها في اغلب المواقع ، تجد الديون المتراكمة على العائلات ، وتجد القرار القاضي بمنع الشراء عن عدد من تلك الأسر ، وحتى منع اعطائهم ربطة خبز ، في ظل عجزهم عن دفع الديون عنهم.
ولن نتحدث هنا عمّا شاهدناه داخل المنازل ، فالشكوى كما يقال “لغير الله مذلة” ، لكننا نتحسّر على حال الناس ويثيرنا القرف تجاه سلطة سياسية لم تكن الناس ومعاناتها يوماً من أولوياتها ، فهم داخل المجلس النيابي يلتهون في نبش ارواح الماضي متناسين شعب يموت في كل ثانية وبات حلمه ربطة خبز.
داخل تلك البيوت اطفال حتى مُنعت من الذهاب للمدرسة بفعل العجز عن تأمين قسط رمزي في مدرسة رسمية ، او حتى شراء دفتر وكتاب وحقيبة مدرسية ، فالخبز قبل العلم عندهم ، والخوف من تعرضهم للاهانة او السمرية من الطلاب ايضاً يمنعهم من الذهاب للمدرسة.
هي قصص كثيرة ، لن نُبقيها قيد الكتمان ، لكننا لا نقبل ان نجعلها قضايا شعبوية كذلك ، فكرامة الناس قبلنا وقبل كل شيء ، الأهم ان لا يبقى الخبز حلم العيش في هذا الزمن الرديئ.