رد اللواء أشرف ريفي على الحكم الصادر بحقه في دعوى مقدّمة من وزير الخارجية والمغربين جبران باسيل، عارضًا المستندات والملفات التي يملكها ضد الأخير.
وقال ريفي، في مؤتمر صحافي: “اتهمتُ جبران باسيل بأنه الفاسد الأول في الجمهورية اللبنانية ومعطياتي وما لدي من ملفات تؤكد ذلك. تمنيت لو أن القضاء اعتبر قولي إخبارًا، أو أنه استدعاني ليستمع إلى ما لدي من ملفات ليقوم بواجبه في حماية المال العام، وهذا واجب قانوني ووطني وأخلاقي، لكن بكل اسف لم يسألني أحد ولم يعتبر أحد ان قولي كما اقوال أغلب رجالات الدولة الذين اتهموا جبران باسيل بالسرقة والنهب والفساد أنه يشكل إخبارًا. المؤسف أن قضاة أصدروا حكمًا عليّ من دون ان يكلفوا خاطرهم بالاستماع إليّ وكنت مدَّعى عليه”.
وسأل: “ألم يتعلم هؤلاء القضاة في معاهدهم وفي تجربتهم العملانية أن الدفاع هو حق مقدس لكل إنسان؟ ألم يسمعوا انه من البديهي على كل قاض قبل ان يصدر حكمه ان يستمع الى كل أطراف القضية، للمدعي والمدَّعى عليه، وإلى الشهود اذا لزم الأمر؟ أهي عدالة هذه”؟
ورأى ريفي أن “بعض قضاتنا ليس بخير وهذا لا يعني أن قضاءنا ليس بخير”، مشيرًا إلى “أنني كنتُ وزيرًا للعدل وأعلم أن أغلب قضاتنا لا غبار عليهم إلا بعضًا ممن يسعون لاسترضاء السلطة طمعًا في منصبٍ أو موقع أو جاه”.
في الشق القانوني، انتقد ريفي ما وصفه بـ”ركاكة” الحكم الصادر، حيث قال إنه “يدل إلى أن الحكم الصادر هو نموذج SPECIMEN قامت المحكمة بتعبئة مندرجاته”، وسأل: “هل يعقل أن يحكم قاضٍ بدرجة عالية جدًا كرفول بستاني والمستشاران هبة عبد الله وناديا جدايل على أي مواطن بهذه الخفة وهي قضية وطنية وتخص المال العام؟ هل يعلم هؤلاء القضاة الأجلّاء أن مجلسهم النيابي، وفي سياق الجو العالمي لمحاربة الفساد، قد أقرّ قانونًا لحماية المُبلغين عن الفساد ونحن في قضية واضحة عن محاربة الفساد واستعادة أموالٍ عامة”؟
وأردف: “إنني سأتقدم بواسطة وكلائي القانونيين باستئناف لهذا القرار الجائر أمام محكمة التمييز المختصة وسنوضح فيه كل الاسباب القانونية المؤيدة له”.
ثم تطرق ريفي إلى موضوع الكهرباء، لافتًا إلى أن “تكاليف الكهرباء شكّلت السبب الرئيسي في ازدياد الدين العام اذ أُنفق عليها اكثر من 36 مليار دولار من أصل 86 مليار دولار هو حجم الدين العام”، معتبرًا أن “قصة بواخر جبران باسيل تصلح لأن تدخل في كتاب غينيس لجهة حجم الفساد ولجهة الخروج على القانون واحتقار للهيئات المعنية من ادارة المناقصات او هيئات الرقابة من التفتيش المركزي الى ديوان المحاسبة”.
وأضاف: “كلفت البواخر 755 مليون دولار في السنوات الخمس الأولى من العام 2012 حتى العام 2017. هل نحن أمام فسادٍ كبير ام أمام سوء إدارة؟ من يتابع تفاصيل القضية يُدرك أننا أمام حالة فساد وقح غير مسبوقة. بدأت القضية بزيارة لباخرة من هذه البواخر الى مرفأ بيروت وكانت في طريقها الى مرفأ البصرة. زارها الوزير باسيل بتاريخ 13/8/2010 وكان قبل الزيارة رافضًا لموضوع البواخر وفجأةً وبعد الزيارة أصبح من المناصرين الشرسين للتعاقد مع هذه البواخر، وحاول ابان حكومة الرئيس نجيب ميقاتي ان يتعاقد لمدة خمس سنوات مع شركة “كارادينيز” وأن يروّج أن حل البواخر هذه هو الحل الأفضل للبنان”.
وتابع: “قامت قيامة بعض السياسيين على هذا الحلّ، الأمر الذي اجبر جبران باسيل على القبول بأن يكون التعاقد لمدة ثلاث سنوات، وبالطبع عقد بالتراضي على ان يمدد لمدة سنتين لاحقاً، وهكذا حصل. فتم في المرحلة الاولى استئجار بواخر بقدرة 270 ميغاوات وبسعر 59,5 دولار /(ميغاوات/ساعة)، أي بكلفة اجمالية حوالي 393 مليون دولار وكانت هذه الكلفة أكثر من المبلغ الذي تكبدته الدولة اللبنانية لإنشاء معملين ثابتين في الذوق والجية. المعملان كلفا 350 مليون دولار والبواخر كلفت 393 مليون دولار لمدة ثلاث سنوات”.
وأشار إلى أن “كلفة البواخر لم تقتصر على قيمة الطاقة فقط بل نص العقد على دفع مبالغ من الخزينة اللبنانية كمكافأة للشركة في حال اذا تدنى استهلاك البواخر لمادة الفيول وقد تقاضت الشركة مبالغ طائلة لقاء ذلك لها وللوسيط”، مردقًا: “بعد انتهاء العقد الاساسي وبالرغم من قرار ادارة التفتيش المركزي رقم 78/2013 الذي حذر من التعاقد مع شركة “كارادينيز” لعدم مصداقيتها جدد وزير الطاقة للشركة سنتين إضافيتين بعد زيادة القدرة الانتاجية الى 380 ميغاوات. ثم تجديد العقد بناء لقرار الوزير بعد اجبار مجلس ادارة كهرباء لبنان على ذلك. ولحظَ العقد أيضًا امكانية التمديد لسنتين إضافيتين وقد وقعت وزارة الطاقة على ذلك ضمن ملحق، متحايلةً على القانون للتهرب من العودة إلى مجلس الوزراء”.
وأوضح أن “بحسبةٍ بسيطة تكون الخزينة اللبنانية قد دفعت 393 مليون دولار عن السنوات الثلاث الأولى و362 مليون دولار عن السنتين الممددتين وأصبحت المبالغ تساوي 755 مليون دولار لمدة خمس سنوات كبدلات إيجار دون ان نحتسب مكافأة توفير الفيول”.
وأكمل: “خلال حقبة الوزير الوكيل سيزار أبي خليل أطلق مناقصة مشبوهة لاستئجار باخرتين جديدتين بقدرة 850 ميغاوات بكلفة تبلغ مليار وثمانمائة مليون دولار أميركي، بينما يبلغ سعرها 650 مليون دولار أميركي فقط. كلكم تعرفون استقامة ونزاهة السيد جان العلية مدير عام المناقصات الذي رفض طلب وزير الطاقة وبموجب كتاب رسمي ان يفتح مغلف تلزيم البواخر رغم انه كان يومها عرضًاً وحيدًا والقانون يعتبر ان اية مناقصة تقوم على عرض واحد هي غير قانونية”، وسأل: “أي عاقل ومستقيم يقبل ان يستأجر بواخر سعرها الاجمالي 650 مليون دولار بمبلغ يقارب الضعفين والنصف ثمنها”؟
أما في موضوع السدود المائية، فأكد ريفي أن “عندما نلزّم المشاريع لشركات مشبوهة بالفساد وبعقود مشبوهة من الطبيعي أن نتهم القائم بها بالفساد”، مشيرًا إلى أن “الشركة البرازيلية التي لزّمت أحد السدود هي شركة متهمة عالميًا بالفساد”.
وبعدها، تطرق ريفي إلى قضية ضريبة القيمة المضافة في موضوع تلزيم معمل دير عمار، وقال: “اعتبر ديوان المحاسبة، في قراره رقم 652 تاريخ 6/4/2013 المتعلق بتلزيم معمل دير عمار 2 الذي ادى الى نشوء دعوى للتحكيم من قبل المتعهد، انه من الطبيعي عدم احتساب الضريبة على القيمة المضافة كون الصفقة ممولة من مصادر خارجية اي انها معفاة من الضريبة. والكل يعلم السجال الذي وقع بين وزير المالية والوزير باسيل وقد اتهم وزير المالية الوزير باسيل بمحاولة سرقة قيمة القيمة المضافة”.
وفي قضية سعر اراضي في سلعاتا لإنشاء معمل كهربائي فيها، لفت ريفي إلى أن “اللبنانيون ذهلوا عندما علموا ان تسعير الاراضي التي كانت وزارة الطاقة تنوي شراءها في منطقة سلعاتا لإقامة معمل كهربائي حوالي 200 مليون دولار، وبعد ايام معدودة وبعد الضجة التي أثيرت حولها تراجعت الى حوالي 30 مليون دولار”، راسمًا “علامات استفهام”.
ثم في قضية المبالغ المستوفاة من بعض المرشحين على لوائح باسيل، كشف ريفي أن “اغلب الذين ترشحوا على لوائح الوزير جبران باسيل دفعوا مبالغ طائلة لقاء ترشحهم على هذه اللوائح، والملف قيد الانتهاء لدينا”، مشيرًا إلى أن ثمة “مرشحًا دفع لجبران باسيل 17 مليون دولار رسب المرشح وهدد بفضح الأمور أعيد اليه جزء كبير من المبلغ منعًا للفضيحة”.
أما في الحكومة، فقال ريفي إن “أغلب الذين وزّروا في الوزارات المتعاقبة على اسم “التيار” دفعوا مبالغ طائلة. وأحد الوزراء في الحكومة الحالية دفع مبلغ 10 مليون دولار لتوزيره وكان الوسيط في هذه الصفقة نائبًا حاليًا، فالوسيط تقاضى مليون دولار وجبران باسيل تقاضى 9 مليون دولار”.
وعن قضية شراء الأراضي في مناطق إقامة السدود المائية، لفت ريفي إلى أن “باسيل كان يعمل على شراء اغلب الاراضي المحيطة بأماكن اقامة السدود المائية او في المناطق التي تجاورها ليقوم بعد ذلك إما بإجبار الدولة على دفع استملاكات تفوق قيمة شرائها او الاحتفاظ بها بعد اقامة المشروع، مستفيدًا من ارتفاع اسعارها ومستغلًا بذلك موقعه وسلطته”.
وفي سياق آخر، أعلن ريفي أن “إيران، ونتيجةً للغطاء المسيحي الذي وفره “التيار الوطني الحر” لسلاح “حزب الله”، كانت تدفع دوريًا للتيار مبالغ طائلة”، مشيرًا إلى أن “هذه الاموال كانت تصل إلى لبنان ضمن كراتين كتب عليها الهلال الاحمر الايراني وكان الوزير جبران باسيل يتسلمها شخصيًا وينقلها شخصيًا”.
وتوجّه ريفي إلى القضاء قائلًا: “رهاننا عليكم قوموا بواجباتكم واحموا المال العام. نحن جاهزون لأن نكون مساعدين لكم لتكوين هذه الملفات وحماية الوطن من السقوط”، داعيًا إياه إلى “الاستماع الى شهادة رئيس لجنة الطاقة والمياه النيابية السابق محمد قباني الذي قال ان باسيل يستهبل اللبنانيين، كما الى شهادة النائب هادي حبيش الذي صرح بأن رائحة الفساد تفوح من صفقة البواخر متهمًا فريق باسيل بأنه يريد تمويل معركته الانتخابية من هذه الصفقة، كما الى شهادة الوزير جمال الجراح الذي صرح بأن لباسيل سجل حافل بالصفقات وبأن اصراره على صفقة البواخر يؤكد تورطه بصفقة مشبوهة”.
كما دعا القضاء الى “الاستماع الى شهادة النائب سامي الجميل الذي صرح بأن فضيحة الكهرباء عمولاتها 60 مليون دولار، كما الى شهادة رئيس حزب “القوات اللبنانية” الدكتور سمير جعجع الذي وصف صفقة البواخر بأنها فضيحة العصر متوجهًا بكلامه لباسيل”.
كذلك دعا القضاء الى “الاستماع الى شهادة رئيس كتلة “المستقبل” آنذاك الرئيس فؤاد السنيورة حيث اعلنت الكتلة في جلستها المنعقدة في 3/4/2012 ان البواخر فضيحة مدوية اذ تسيطر عليها المصالح الشخصية والحزبية، كما الى الرئيس نجيب ميقاتي الذي قال ان عمولة استئجار المرحلة الاولى من بواخر الكهرباء تبلغ 26 مليون دولار”.
وبعدها دعا القضاء الى “الاستماع الى وزير المالية علي حسن خليل الذي يتهم الوزير باسيل بمحاولة سرقة قيمة القيمة المضافة على عقد تلزيم دير عمار 2 وهي بملايين الدولارات، كما الى افادة نائب رئيس الحكومة سابقًا اللواء عصام ابو جمرة الذي قال بتاريخ 1/10/2010 ان التلزيم بالتراضي لاستئجار بواخر الكهرباء مدعاة للفساد”.
وتابع: “أدعو القضاء اللبناني الى الاستماع الى شهادة كل الاشخاص في الإدارة اللبنانية الذين من موقعهم الإداري رفضوا صفقات البواخر لمعرفة الاسباب والجهات التي مارست الضغوط عليهم لتمريرها خلافاً للقانون، بعد محاولة السطو على صلاحياتهم من قبل جيوش مستشاري الوزراء المتعاقبين على وزارة الطاقة. أدعو القضاء اللبناني الى فتح ملف شركة البواخر وتجاوزاتها لاستكمال ملف التحقيق بكل التجاوزات المالية التي رافقت ملف استئجار البواخر. ادعو القضاء اللبناني للاستماع الى افادتي لأقدم ما لدي من ملفات عن الفساد”.
ووصف “ما حصل في وزارة الطاقة” بأنه “فساد موصوف وفشل ذريع يدفع ثمنه اللبنانيون”، مبديًا خشيته من أن “يكون مصير خطة الكهرباء التي أقرت بالأمس كمصير سابقاتها، اذ ان اصرار باسيل على تجاوز دوائر الرقابة في تلزيم معامل الانتاج، وعلى تجاهل قانون الشراكة مع القطاع الخاص، وعلى ابقاء الشلل في مجلس ادارة الكهرباء، وعلى منع تشكيل الهيئة الناظمة، كلها مؤشرات توحي باستمرار نهج الفساد”.
وأضاف: “لا يريد باسيل اي مراقبة على ادارته للقطاع، يتصرف على ان قطاع الطاقة هو ملك خاص له، وهذا ابلغ دليل على الفساد. انطلاقًا من دعوة القضاء لوضع يده على الارتكابات في ملف الكهرباء والطاقة. البلد ينهار وباسيل وغيره من السياسيين مستمرون في ادائهم الفاسد. البلد ينهار ويريدون نزع لقمة الفقير من فمه. البلد ينهار فلنكن يدًا واحدة لمواجهة الفساد الذي يتلطى بالطائفية وبالقانون. انها دعوة وطنية كي نستعيد الوطن قبل ان نخسر انفسنا ونخسره، وعندها لا ينفع البكاء على الأطلال”.
ودعا ختامًا “اللبنانيين المعنين إلى أن نعمل معًا لإطلاق حملة وطنية لتعزيز النزاهة ومكافحة الفساد واستعادة الاموال المنهوبة”، مؤكدًا “أننا أذا وفقنا في استعادة اموال الشعب اللبناني من الفاسدين ننقذ لبنان من مديونيته ونعيد التوازن الى الموازنات اللبنانية، فالمهمة صعبة ولكنها ليست مستحيلة”.