بقلم
الشيخ محمد علي الحاج العاملي.
إن الواقع السياسي اللبناني الداخلي لا يحتاج لفتوى بوجوب السعي لإصلاحه، حيث انتشار الفساد، الذي لم يترك مؤسسة من مؤسسات الدولة إلا و تغلغل فيها..
فقد شهدت الساحة اللبنانية حربا دموية استمرت سنوات عديدة، تلتها مرحلة الطائف التي كرست الهيمنة السورية على كامل مفاصل الدولة، و قد أدت سياسة الأجهزة السورية لتعميم و ترسيخ ثقافة المحاصصات و تقاسم مال الشعب و نهبه، حتى أنه لم يكد يتم تلزيم أي مشروع دون صفقات القوى السياسية النافذة يومها، و على رأسها ( الترويكا) كما اصطلح على تسميتها وقتذاك…
و في هذا الإطار تم تلزيم قطاع الإتصالات، و النفايات، و سواهما من مشاريع.. كما تم استحداث : مجلس الإنماء و الإعمار، و مجلس الجنوب، و صندوق المهجرين.. للهدف عينه!!
و بعد هذه السنين، و لاسيما بعدما انقسم اللبنانيون لفريقي 8 و 14 آذار، و ما تلا ذلك من معاودة اتفاق بعض القوى المتناحرة ! حيث ظهر جليا وجود تحالف جديد، ليس حلفا سياسيا يعتمد على رؤئ وطنية كبرى، بل يرتكز على قاعدة وحيدة محصورة في الانكباب على سرقة ما تبقى من مال عام، لا سيما في قطاع النفط، الذي أضحى قبلة الساسة اليوم…
انطلاقا مما مر، فإن أي جهد يؤدي للضغط على الساسة لتصويب سياستهم، و أي حركة تهدف لإشاعة العدالة و إحقاق الحق، فإن ذلك من أوجب الواجبات الشرعية البديهية التي لا تحتاج لفتوى بذلك – طبعا مع كون كل الفقهاء يفتون بالوجوب بشكل عام -، و أضعف الإيمان يكون بإعلاء الصوت، و المجاهرة برفض هذا الواقع، و أكمل من ذلك المشاركة الفعلية الميدانية بكل حركة إصلاحية .
و أسوأ ما في الأمر هو محاربة هذه الحملة – و سواها – كونها تصيب وزيرا من فريق معين أو طائفة معينة !!!
و أسوأ من ذلك أيضا من يبرر للواقع القائم كون الخلل ليس محصورا في قطاع الإتصالات فحسب !! و أنه موجود في وزارة الطاقة و في وزارة الصحة و غيرهما، و لكن مع ذلك فهذا لا يبرر التصدي لمحاربة الإحتكار و الفساد في الإتصالات، و تبقى هذه الوزارة و سواها تحتاج لإصلاح عام .