رصد ومتابعة- خاص شبكة تحقيقات الإعلامية
محمود جعفر
تونس تلك الدولة التي أجمل ما فيها نظام حكمها القائم على الفصل بين العمل الديني والسياسي، فهي أنموذج عن حكم مدني عربي نسمع في لبنان كثيراً عن رغبة لدى عدد كبيرٍ من التيارات بالوصول إلى نفس هذا الشكل من الحكم القائم على الفصل بين الدين والسياسة، كي لا نُفسِد إحداهما أو كلاهما معاً.
ولكن، هل حقَّقت تونس وعلى مدى عقودٍ خلت مرادها من خلال هذا الشكل من الحكم؟ أم وقعت في شرك أفعال الأشخاص بعيداً عن كل العناوين الظاهرية والتي لا تُغني أو تُثمن من جوع؟!
لم تستطع كل القيادات والسلطات التي تناوبت على الحكم في تونس، أن تُعطي صورة واقعية وجميلة عن المجتمع المحلي، فمكافحة الفساد وتطوير التعليم ودعم الشباب وغيرها من العناوين رافقت صولات وجولات الحكام والمسؤولين، فيما الواقع كان مُغايراً تماماً، فلا الفساد تم استئصاله لا بل على العكس، حيث زاد وترعرع ووجد لنفسه بيئة حاضنة ومُشجعة في ظل غياب المراقبة والمساءلة والمحاسبة، وفي ضوء عدم جدية مكافحة هذا المرض الذي يعتاش منه كُثراً من المسؤولين ومن يُعطي لنفسه لقب “الزعيم” أو “المسؤول” وتطول التسميات الفلوكلورية، ولا النظام التعليمي تحسَّن.، ولا الشباب إستنشق الأمل بعد.
النظام التعليمي في تونس
هناك اتفاقيات تمّ توقيعها ومفاوضات ما زالت على طاولة النقاش بين اأناء القطاع والنقابات والجهات المسؤولة، و تشمل هذه الإتفاقيات خاصة ظروف عمل المعلمين و الاساتدة واوضاعهم المادية.
على صعيد آخر، هناك اصلاحات يجب القيام بها على المستوى الهيكلي و البرامج بهدف تطوير منظومة التعليم في تونس، غير أنّ هذا الجانب لم يحظ بالاهتمام المطلوب.
لكن هذه الاصلاحات، مثلما تقدم به الحوار المجتمعي حول اصلاح المنظومة التربوية، تبقى جوفاء حسب آراء النقابيين.
و تبرز الارقام الحالية مقارنة بسنة 2010 تطورا كمّيا من حيث عدد المؤسسات و الاساتذة ولكنها تكشف عن وجود فرق واضح بين كافة الولايات.
الفساد في تونس
تسمع من أحاديث الناس العامة، أن في تونس مافيا فساد مُتحكمة بكل مفاصل البلاد والعباد، وهي تحظى بسلطة قانونية كافية لتبقى قادرة على القيام بأعمالها وامتصاص دماء الشعب وسرقة خيراتهم في الخبز والماء والحياة والتعليم والسكن والبنى التحتية المتطورة وتأمين فرص العمل و ….
هذه المافيا ليست مُستجدة بل هي موجودة قبل ما يُعرف ب “ربيع تونس” الذي أطاح بالرئيس السابق بن علي، والآن تأخذ أشكالاً جديدة وربما أخطر، مما يدل أن التغييرات لم تمس سوى ظهر الأمور، فيما العقلية بقيت حيث هي.
في المحصلة نسأل، أليس الفساد هو من أطاح بالرئيس السابق بن علي؟ وبالتالي وجب مكافحته من الداخل كي لا نشهد على إضطرابات لاحقة قد لا تُبقي تونس “خضراء” كما عرفناها!
أما رأي الشباب فسنتركه للجزء الثاني من التحقيق …