تبدو الساحة الطرابلسية مغرية للقوى والتيارات السياسية التي تعتبر ان مدينة طرابلس العاصمة اللبنانية الثانية منصة سياسية توازي بيروت العاصمة ومن يستطيع التوغل فيها يتوغل في الشمال اللبناني كله
رغم النصائح السياسية العديدة تصر قيادة القوات اللبنانية على خوض غمار الاستحقاق الانتخابي في طرابلس متطلعة الى حصد اكبر عدد ممكن من المقاعد النيابية مستفيدة من تحالفاتها السياسية سواء كان هذا التحالف مع تيار المستقبل او مع التيار الوطني الحر وحتى الاستفادة من العلاقة الجيدة مع اللواء اشرف ريفي وتجد هذه القيادة ان الاستحقاق النيابي المقبل هو فرصة استثنائية لتشكيل كتلة نيابية وازنة مؤثرة في الحياة البرلمانية اللبنانية
غير ان هذه التمنيات قد تصطدم بجملة عقبات في طرابلس ليست خارجية وحسب بل داخلية ايضا بدأت ترشح الى العلن وتشكل ارباكا في صفوف القوات التي جعلت القيادة تعكف على حلها قبل ان تتفاقم عشية الاستحقاق الانتخابي
فرئيس حزب القوات منحاز الى ترشيح مستشاره في شؤون العلاقات الداخلية وهو ماروني طرابلسي وبدأ حركته السياسية من خلال عدة جولات قام بها على الشخصيات والقيادات الطرابلسية. غير ان هذا الترشيح لم يلق استحسانا في صفوف القواتيين في دائرة طرابلس ـ المنية ـ الضنية، بحجة ان عدد القواتيين في طرابلس هو ضئيل. اضافة الى حجم الناخبين الموارنة فيها الذي لا يتعدى الخمسين صوتا. وقد بذل القواتيون في هذه الدائرة جهودا مع قيادتهم لاقناعها بترشيح منسق القوات في الضنية. الامر الذي ادى الى ارباك داخل القواتيين بين منحاز الى ابن طرابلس ومنحاز الى منسق الضنية. علما ان عدد الموارنة في هذه الدائرة لا يوفر حظوظا للمرشح عن المقعد الماروني الا بالتحالف مع تيار سياسي له وزنه كتيار المستقبل. حتى ان الصوت التفضيلي لن يكون له فائدة لان عدد الناخبين لا يشكل حتى بيضة القبان
وقد حاولت قيادة القوات استمزاج رأي اللواء ريفي واحتمال التحالف معه فيما لو رفض تيار المستقبل اختيار مرشح القوات عن المقعد الماروني لكن اللواء ريفي سارع الى ابداء نصيحة للقوات بالعزوف عن ترشيح قواتي في هذه الدائرة لسببين ان الناخب الطرابلسي لا يهضم مرشحا قواتيا في مدينة لا تزال بمعظم شرائحها ان لم نقل كلها ثابتة على موقفها من قضية الرئيس الشهيد رشيد كرامي. وأن رئيس حزب القوات لم يعلن لغاية الان اعتذاره للطرابلسيين ولا طلب الصفح عنه وطي صفحة الماضي. وثانيا، لان اللواء ريفي متحالف مع وليد معن كرامي الذي يحمل شعار العائلة الكرامية “لم نسامح ولن ننسى” وهو الشعار الذي اطلقه الرئيس الراحل عمر كرامي ونجله الوزير فيصل كرامي
غير أن قيادة القوات لم تأخذ هذه النصيحة وبقية النصائح بعين الاعتبار الامر الذي سيشكل ترشيح قواتي في طرابلس احراجا لحلفاء القوات اللبنانية سواء كان تيار المستقبل او التيار الوطني الحر الذي يسعى بدوره الى اعلان ترشيحات له في معظم الدوائر الانتخابية وعينه على الدوائر المسيحية في الشمال علما ان هذه الترشيحات في النتيجة ستكون محكومة بجملة تفاهمات تتوزع فيها المقاعد حسب الامكانيات والوقائع الميدانية. وقد لفتت مصادر الى ان المطلوب ان تحل قيادة القوات مشكلتها الداخلية التي قد تتفاقم وتؤدي الى انسحابات في الضنية والمنية في حال الاصرار على المرشح الذي اختاره جعجع في طرابلس