أنزلت المحكمة العسكرية برئاسة العميد الركن حسين عبدالله وعضوية المستشارة المدنية القاضية ليلى رعيدي وبحضور ممثل النيابة العامة القاضي رولان الشرتوني، عقوبة الاعدام بحق الموقوف عمر حسن حميد بعدما دانته بجرم قتل عسكريين وسرقة أسلحتهم وذخائرهم وعتادهم الأميرية واجهزتهم الخلوية واللاسلكية الأميرية وأموالهم وبطاقاتهم واوراقهم وضربهم وتحقيرهم وإحراق وتخريب الآليات العسكرية، وذلك بعد إرجاءات ثلاثة لجلسة النطق بالحكم في قضية استشهاد الرقيب أول في الجيش ابراهيم زهرمان في “أحداث عرسال الأولى” التي وقعت في محلة الرعيان ونتج عنها أيضاً استشهاد النقيب في الجيش بيار بشعلاني في الأول من شهر شباط من العام 2013
وبحسب صحيفة “المستقبل” فانه في جلسة الحكم امس كان للمتهم عمر حميد،وهو شقيق جومانا حميد التي القي القبض عليها في شباط 2014 اثناء نقلها سيارة مفخخة في محلة اللبوة وجرى إطلاق سراحها في صفقة التبادل الأولى مع جبهة النصرة في الأول من كانون الأول العام 2015، مطلبان لا ثالث لهما الأول الأخذ بكلامه على أنه ليس هو مَن أعدم الشهيد زهرمان ولو كان الفاعل لما مكث ستة أعوام في منزله في عرسال الذي يبعد حوالي كيلومتر واحد عن حاجز للجيش في البلدة، من دون أن يعمد أهالي البلدة إلى تسليمه، والثاني الشفقة والرحمة
وطلب المتهم الأخير لم يسر على مطالب وكيله المحامي معروف مزهر المكلف من نقابة المحامين في الدفاع عن المتهم، فهو لم يطلب سوى البراءة للشك وانعدام الدليل لجهة جرم القتل وإبطال التعقبات عن موكله من باقي الجرائم
وفي مرافعته التي تلت مرافعة ممثل النيابة العامة القاضي رولان الشرتوني الذي طلب تجريم المتهم وادانته وفقاً لمواد الاتهام، فنّد المحامي مزهر إفادات عدد من الشهود ومعظمهم من العسكريين الذين كانوا في عداد القوة الأمنية التي تم أسرها، ليخلص إلى قناعة بأن موكله بريء من جرم القتل، لا بل ذهب إلى أبعد من ذلك ليتحدث عن دور فاعل لموكله في “منع المسلحين من قتل العسكريين”، مستنداً بذلك إلى إفادة ضابط برتبة ملازم أول
وبحسب الصحيفة، شكّك المحامي مزهر في إفادة موكله الأولية ووصفها بـ”الإفادة المركبة”، قبل أن ينتقل إلى “تفكيك” إفادات باقي الشهود مركزاً على مكامن التناقض بين تلك “الإفادة المركبة” وبين إفادات الشهود من العسكريين. ففي الوقت الذي اعترف حميد أولياً بأنه كان يحمل بندقية من نوع أم 16 أفاد أحد العسكريين بأنه شاهد موكله يعدم رفيقه زهرمان ببندقية من نوع “فال”، وتابع يقول:”في نظري إن بطل هذا الملف هو محمود حميد قريب موكلي والملقب بالزلعوم”، متحدثاً عن دور مهم لعبه الأخير في عدم التعرض للعسكريين من قبل المسلحين، وأنه كلف مسلحان مرافقته في آلية الهامفي التابعة للجيش والتي قادها بنفسه من محلة الرعيان إلى دار البلدية في عرسال، ولم يكن أحد العسكريين سوى موكله حميد، وسأل: كيف يكون الزلعوم قد منع المسلحين من التعرض للعسكريين ويسمح لموكله بقتل أحدهم، فضلاً عن أن الزلعوم أفاد بأن موكله كان مجرداً من السلاح وقد شاهد مسلحين ملثمين يطلقون النار على عناصر الجيش فيما لم يكن موكله ملثماً، وأضاف: “ألا يعقل أن يكون أحد المسلحين الملثمين قد قتل الشهيد زهرمان
وفي عرضه لإفادات العسكريين، اشارت الصحيفة الى ان المحامي مزهر ذكر أن المعاون و.خ. أفاد أن زهرمان وقف ورفع يديه مستسلماً، ولكن المسلحين اطلقوا النار عليه ثم جروه إلى آلية الهامفي.أما الرقيب و.ر. -يتابع المحامي- فقد ذكر أن الشهيد كان يجلس عند طرف آلية الهامفي التي كان يقودها الزلعوم، وهو لا يزال على قيد الحياة ويتكلم مع الرقيب، وسأل المحامي: كيف يكون الشهيد قد اُعدم ميدانياً
أما الرقيب أول ع.ع. فقد أفاد بأن مدنيين حاولوا مع مسلحين إيقاف الآلية، ومحاولة انزال الشهيد منها وضربه إلى أن وصلوا إلى ساحة البلدية، مما يعني -بحسب المحامي- أن الشهيد لم يُعدم ميدانياً.
كما تناول المحامي مزهر في مرافعته مسألة عدم التمكن من التواصل مع القيادة لطلب النجدة بعد وقوع العسكريين في كمين للمسلحين، فيما أن أحد المخبرين كان يتواصل مع عريف كلفه باستطلاع ما يحصل في الرعيان وقد تلقى المخبر عشرات الاتصالات من العريف وكان يخبره بما كان يشاهده، وعلّق المحامي مزهر على ذلك بالقول:”كيف أن عسكرياً واحداً لم يجر أي اتصال لطلب النجدة
وبانتقاله إلى إفادة الملازم أول م.ص. ذكر المحامي أن الضابط المذكور أفاد بأن الشهيد زهرمان كان يجلس عند طرف الآلية العسكرية وتعرض لكثير من الضرب من قبل المسلحين حتى أنه راح يرجوهم قتله، وأن أحد المسلحين ألقى حجراً كبيراً عليه وأصابه، وعند وصولهم إلى البلدية تعرض العسكريون للضرب والتهديد بالقتل، وأن السائق (الزلعوم) حماهم بمعنى منع المسلحين من قتلهم وأن الأخير اصطحب مسلحان في الآلية كان أحدهما المتهم عمر حميد وكلفهما من المسلحين من قتل العسكريين وأن الزلعوم الذي كان يجهل هويته قد أطلق النار في الهواء ترهيباً لإبعاد المسلحين عن العسكريين
الى ذلك استعاد المحامي مزهر لحظات استشهاد زهرمان كما رواها الرقيب أول أ.ع. الذي رفضت المحكمة طلب سماعه بناء على رفض قيادة الجيش، وقد افاد العسكري “انني وزهرمان بقينا سوية على قيد الحياة ورفعنا والملازم أول أيدينا عندما اقترب منا المسلحون وطلب منا الملازم اول الاستسلام، إنما أحد المسلحين أطلق رشقاً من 7 طلقات اصابت إحداها زهرمان بحيث لم يتمكن المسلح من التحكم ببندقية نوع فال التي كان يرمي منها”، أما تقرير الطبيب الشرعي -يضيف المحامي- فقد أفاد بأن الوفاة حصلت نتيجة إصابته بطلقين ناريين من مسافة بعيدة ما أحدث نزيفاً في أوردة وشرايين فخذه الأيمن أدى إلى وفاته
ولفتت الصحيفة الى ان المحامي مزهر تحدث عن واقعة نجاة الملازم أول على لسان الأخير حين طلب منه احمد حميد التظاهر بالموت ووضعه في السيارة الصحية لإخراجه من البلدة، وما احمد حميد سوى شقيق موكله عمر
كما خلص وكيل الدفاع عن حميد إلى التأكيد على أن الشهيد زهرمان لم يُقتل في وادي الرعيان إنما في ساحة البلدية، وما إفادات عدد من الشهود أنهم سمعوا بأن موكله هو من قتل الشهيد، سوى مجرد أقوال لا ترقى إلى الدليل مما يجعل الشك سيد الموقف والذي يفسّر لصالح موكله
وتقدم المحامي مزهر بمذكرة خطية بمثابة دفاع شفهي منتهياً إلى طلب إعلان براءة موكله من جرم القتل وإبطال التعقبات بحقه من باقي الجرائم
وذكرت الصحيفة ان المحكمة سبق أن حكمت في هذا الملف على 44 متهماً بعد تجزئته. وقد تراوحت الأحكام بين الإعدام والسجن المؤبد لفارين وبين السجن 15 عاماً والبراءة