بقلم/جهاد أيوب
هل افلست الافكار المحلية حتى نستمر بورشة جنون شراء افكار غربية لبرامجنا الاجتماعية دون ان تشبهنا أو تناسبنا، وتتفق مع صورنا؟
هل نحن استهلكنا كل ايجابيات عاداتنا وتقاليدنا ودياناتنا وتصرفاتنا وخبرياتنا وحياتنا اليومية حتى تلاشينا في ساعة ضياع، وقررنا ان يكون الانقاذ عبر تقليد غيرنا مهما كانت الظروف؟
هل نسعى ونبحث عن الشتيمة من هنا وهناك كي نبقى في الواجهة الإعلامية، وبالشتيمة نحصد الإعلانات، ومن الشتائم يحيى النجاح الإعلامي المرئي؟
هل فعلا نؤمن بالإنسان فينا، ودورنا كإعلاميين أن نعطيه جرعات أمل كي يبقى في بلد لا نعرف كيف يسير، والمواطن فيه تائه بالعنصرية والطائفية والحلم المفقود؟
هل نحن نحن، او نحن منذ سنوات لم نعد نحن خاصة في بعض الخطاب الإعلامي المبني على اشعال كل أنواع الغرائز حتى لو كانت حيوانية بعيدا عن رادع يصحح الخطأ، ويشير إليه بصواب يليق بالحياة، ولا يشعرنا بعمر نسير فيه ونحن الاموات، وإلا ما معنى ان ننتظر من برنامج تافه مصيرنا في اكتشاف سعادتنا يدعى” نقشت Take me out “!
“نقشت Take me out” خبصة بحص جديدة في إعلام يزور وجوهنا أكثر مما نحن نسعى إلى تزويرها هربا من قساوة الحياة، خليط من كذبة الوجود نقشت معنا لننام ونحلم بشراكة وهمية تفرغنا من عواطفنا الشرقية!
“نقشت ” هل هو سمسرات لتلاقي البنات مع الشباب، او زعبرات تستجدي الحب لأجل بنات عوانس لا تعرفن ايجاد الشباب، او شباب اغبياء لا يتحكمون بمشاعرهم، او هو افلاس اجتماعي يسوق بنات معينة لا ضوابط دينية واخلاقية بحجة الحرية والتحرر وكأن غالبية البنات في ذات القطيع مما سبب تشويه في سمعة الفتاة اللبنانية في الدول العربية، أو ابراز عنصرية ان هنا تجدهن افضل من هناك، أو اخطاء جامحة في فهم العلاقة العاطفية الطبيعية؟
لا ندري بماذا نصف هذه النوعية البرامجية المقتبسة الرخيصة في جمع القلوب العطشى المريضة، ونسأل من هو المريض في هذه الحالة، وهل من يشارك معطلة عواطفه وصلاحياته وعنفوانه وقلبه؟
أو أن القائمين على تنفيذ وتبني هذه الفكرة الغربية لديهم فوبيا الانتشار الجماهيري مهما كانت الاضرار، ومرض الإساءات المباشرة، ولا تكترث لدورها في التأثير أو في تشويه المجتمع والفكر الديني المطروح؟
وحتى نكون اوضح نشير إلى ما نشاهده ونسمعه ونبصره في “نقشت” واذي يعمل على تشويه الرعية بكل فصولها الاجتماعية والإيمانية، مما احدث سمعة لا تحسد بناتها عليها في الدول المجاورة مها تغنينا بأمور لم تعد موجودة عندنا إلا في الأوهام والعنصرية!
رغم استعانة البرنامج لبعض نجوم لهم قاعدتهم الجماهيرية من اجل رفع مستواه لم يفلح بذلك، ولم يفرض الاحترام، بل تدحرج خطه إلى الاسفاف والسوقية والبذاءة اللفظية، واضر بالنجوم المشاركين، وكأن هذا البرنامج دعسة ناقصة للمحطة المتبنية لهكذا مستوى، محطة تعتقد أن الكلام بالجنس، والاشارات السكسية الواضحة تجذب المشاهد، وترفع نسبة المتابعة، أو إذا اكثرت من البذاءة ستجعل الناس تتحدث عن البرنامج فيحصد الانتشار الاهم بعد عقدة خالف تعرف!
نعم نعترف لإدارة LBC أن غالبية الناس مستاءة، وتتحدث عن سوقية تصرف وكلام البنات المشاركات، وحركشات المذيع الواضحة في بناء بروبغاندا الفضيحة والرخص الماجن تجعل الغالبية تتطفل وتشاهد، وتشتم، وتعاود المشاهدة، ليس قناعة بل تطفلا وللجم الامراض الخاصة!
والدة احدى المشرفات على البرنامج مستاءة جدا، وواجهت ابنتها بذلك علنا، واعربت لها عن غضبها، وكان الرد:”نحتاج إلى نسبة مشاهدة عالية”!
يا عيب الشوم على هذا التسول الرخيص في استقطاب المشاهد!
ومن قال أن المشاهد الغلبان يبحث عن هذه النوعية التي تنقل اسواق الهوى والكاباريهات إلى شاشته هو راض بما يشاهد ويقدم ويصنع، إنه يشتم، وينتقد، ويتفرج لغياب البديل في فضاء يسوده الحروب والنعرات الطائفية والعنصرية، وفشل المشروع الحزبي الوطني والديني الجامع!
هو يأتي من عمله ليشعر أنه في بيته، يأكل، يتحدث بالسياسة، يصر ان لا يستخدم عقله، يشاهد، يشتم ويتابع، وينام لتدور عجلة السياسة والرزق والحياة في بلد لا يشبه البلاد، وزعامات لا تشبه الزعامات!
ما تفضلت به المعدة المسؤولة دليل اخر على فبركات البرنامج، وان الادارة شريكة بما يحدث وعن قناعة، لتصبح نسبة مشاهداتنا قاعدة مرضية مخيفة، اعني الادارة تطلب من المشاركات أن تتصرفن بهذه السوقية، لا بل فريق الاعداد والاخراج يتحكما باختيارات الصبايا، ويفرضان عليهن الاضاءة والكلام والردود وما شابه من اسفاف حواري مقزز!
حوار حلقة الاسبوع الماضي تمحور حول هذا السؤال العبيط من فؤاد إلى سوزان ( 22 عاما)، ماذا تفعلين إذا وقعت بالحب، فقالت ضاحكة ومع حركات مجنونة وايحاءات جنسية:”أكله كله”!
ردت دعد البالغة اكثر من 76 سنة:”بتاكليه كله من فوق ومن تحت…يا عيب الشوم”.
ودار الحوار الفارغ حول بتاكليه كله وهات يا ضحك ومسخرة وغمز ولمز وصور سكسية!
فؤاد يمين مقدم البرنامج اجرى تصغير معده قيل لاسباب صحية، وقيل من اجل قبوله لتقديم هذا النموذج من البرامج، قبل ذلك كان مهضوبا، رشيقا، ممثلا، وفي هذا البرنامج يفتقد إلى الهضامة، يفتقر إلى العفوية، يبحث عن الايحاءات والمفردات الجنسية كي يقولها بسماجة ووقاحة وغلاظة وقلة أدب نخجل من قولها هنا لأننا نحترم قراءنا بينما هناك لا يحترمون مشاهدهم، وإلا ما معنى الاصرار على الكلام السكسي وهات يا اضحاك وتصفيقات وابتسامات غبية ومفبركة؟!
المخرج باسم كريستو لم يوفق هذه المرة، وعاش تجربة فقيرة فنيا همه تقريب العدسة وابعاد العدسة دون مبررات اضافية سوى التقاط صاحبة العبارات البذيئة والحركات السكسية المتصنعة، واحيانا نشعر أننا امام تجربة اخراجية بدائية لا ابداع فيها، ولا تراكمات زمنية استفاد منها!
البرنامج بنسخته الغربية مختلف كليا عن النسخة الملبننة، وله طبيعته وبيئته ومجتمعاته، وهنا يعيش الانفصام، والادعاء، والفقر الفني والاجتماعي والاخلاقي حتى لا نزيد اكثر، ولكن ماذا نفعل في مجتمع يعتبر نقدنا إلى هكذا نوعية من البرامج الاستهلاكية في محطة محسوبة على طرف هو تطاول على المحطة وما تمثله، وقد يسيسها؟!
“نقشت Take me out ” يسيء إلى الفتاة اللبنانية – وما تحرجونا حتى لا نكتب كل ما نعرف -ويا ريتنا نعلم ما هو المبلغ المدفوع لكل فتاة مشاركة بهكذا برنامج لتأدية دورها باتقان معيب!
و إذا قررنا المنافسة الإعلامية لا بد ان نضع الحدود الاخلاقية قبل أن نعري تصرفاتنا، ونغتال انفسنا من أجل مشاهد يرغب بتمضية لحظات سعيدة ليس أكثر!
قال بورديو سابقا:”منطق المال والتجارة هو من يحكم طبيعة العمل التلفزيوني لا الاخلاق ولا المهنية “. وبدورنا نقول:”منطق تجارة الرقيق، وخدش الحياء هي السائدة، ويصنعا البرنامج التلفزيوني المعاصر، ولا مجال للاخلاق والمهنية والموهبة”.