خاص- شبكة تحقيقات الإعلامية
بقلم/ابتسام غنيم
عندما تضطرنا اقدارنا القاسية ان نكتب عن الناس الاحب إلى قلوبنا نشعر وان قلمنا قد شل عن الكتابة ولغة الكلام توقفت والصراع بالبحث عن تعابير تترجم مشاعرنا تختفي كليا..
فكيف الحال اذا كان الرثي عن شخصية لا تعرف الا الحب والعطاء، عن شخصية ربت وأفنت حياتها وقدمت للوطن والمجتمع فرد يقتدى به وبانجازاته، اقصد بكلامي الراحل المغفور له السيد اركام سغبزريان والد الجراح العالمي الاول في لبنان دكتور هراتش سغيزريان، الذي صعقته الصدمة لرحيل والده الذي كان توأم روحه وكان يفتخر به وبثوراته الطبية وانجازاته العالمية.
السيد اركام لم يكن ابا عاديا بل كان الراعي والمرشد والمربي الفاضل والصديق لابنه منذ كان على مقاعد الدراسة، والدكتور هراتش لم يكن بدوره يفوت مناسبة الا ويتحدث فيها عن مأثر والده وتضحياته، فحين تسلم الدكتور هراتش جائزة افضل طبيب لبناني للعام 2016 قال في كلمته على المنصة ان الفضل بل كل الفضل يرجع لوالده الذي كان خير مربي وكان يحثه ليصل الى أعلى المراتب بالنجاح حين كان طالبا بالجامعه، وانه عقب تخرجه اعطاه مبلغ 4 الاف دولار وطلب منه ان يبحث عن عيادة ليباشر عمله بالطب ليقينه اي الراحل ان ولده سيكون علامة فارقة بمجال الجراحة التجميلية وهكذا كان بالفعل.
ومع نيل دكتور هراتش جائزة تلو الاخرى كان والده يشعر بالفخر والاعتزاز ومن انه حقق حلمه بتقديم مبدع للوطن ينفع مجتمعه ويكرم كل من حوله.
ومؤخرا حين نال الدكتور هراتش جائزة من الخارج قصد على الفور والده وقال له” هذه جائزتك وليست جائزتي”،فابتسم الاب ابتسامة رضا ورد على ابنه الجراح العالمي” يا ابني انا رفعتك بالعلم الى اعلى المراتب وبمثابرتك سترتقي اكثر وانا اليوم اشعر اني ارتفع الى الاعلى.. الى حيث الحب.. والعطاء بلا مقابل” ، لم يخطر ببال الدكتور هراتش ان والده كان يتألم لحظتها وانه يتكتم عن وجعه كي لا يعكر صفو نجاح ابنه فهو كالعادة يكابر على الاوجاع والصعاب ليسعد عائلته كما عهدته دائما وابدا.
ولعل من اكثر مآثر الاب الحنون والتي لم يعرف بها ابنه الدكتور هراتش الا بعد سنوات قليلة هي ان والده رهن منزله ليؤمن له العدة الخاصة بغرفة العمليات الجراحية الامر الذي ترك اثرا عميقا في نفس دكتور هراتش الذي شعر انه بفقدان والده قد فقد جزء من كيانه وقطعة من قلبه لاسيما وانه عندما كان على فراش المرض لم يكن يطلب سوى رؤية ابنه الطبيب هراتش وينظر اليه ويحتضنه بعينيه وقلبه وكل حواسه، وهراتش كان يرفض بعقله الباطني ان يصدق ان والده يودعه لايمانه من ان الرب قادر على كل شيء وان طاقم الاطباء في المستشفى يوفرون له كل العناية والرعاية والاهتمام والمتابعة الطبية وما ان تحسنت صحته وعاد الامل بقلوب اسرته الصغيرة وجراء عودته الى بيته حتى اسلم الروح فجر الاربعاء المنصرم وكأنه كان يأبى ان تفارق روحه الطاهرة هذا العالم من دون ان يكون في بيته وبين زوجته وابنه الدكتور هراتش.
بيته الذي شهد كفاحه ورعايته وتفانيه تجاهه اسرته وزوجته وابنه الطبيب اللذين صعقا برحيل الزوج والاب الحنون الذي كان عماد البيت ورفيق الاسرة في ضرائها قبل سرائها.
لم تنتهي قصة الأب هنا، فهو حتما سيبقى من عليائه محتضنا رعاية عائلته وولده الأحب، سينظر من هناك ليلامس وجنتي من رفع رأسه ليباركه بمحبة الله أبد الحياة.
العزاء مجددا للعائلة ولشقيق دكتور هراتش السيد ميهران سغبزريان وللوالدة السيدة سربو هي غلاجيان التي كان لها كذلك الدور الأبرز في سبيل نجاح وتماسك عائلتها.