في المطار…”كهرب” عمر والكل صرخ “مات الصبي مات الصبي” إلا هي!
أنطوان أنطون
لم تكن “أم عمر” تعلم ما ينتظرها في مطار بيروت الدولي وتحديدا عند نقطة التفتيش ولم تكن تعلم ان هناك من ينتظرها وعمر ليس ليضع يده على مخالفة ما انما لانقاذ حياة ذاك الطفل ابن الثلاث سنوات تقريبا!
“كهرب…كهرب”
وفي التفاصيل التي حصل عليها موقعنا من أحد شهود العيان، انه ومنذ اسبوعين وبعد أن اجتازت السوريّة أم عمر “حسب ما نادتها امرأة اخرى ترافقها ومن لهجتهما تبيّن انهم سوريّون وهي تحمل طفلها”، نقطة التفتيش في طريق مغادرتها لبنان، وكلّ الامور تسير على خير ما يرام، وضعت الام ابنها أرضاً للعبور الا ان المشكلة بدأت عندما بدأ الطفل يرجف بشكل غير طبيعي فحملته الام على الفور وهي تصرخ:”كهرب كهرب!!”.
ويضيف الشاهد العيان:”هنا حضر على الفور أحد عناصر التفتيش في قوى الامن الداخلي وهي أنثى للتأكّد من احتمال ان يكون الطفل قد تعرّض لصاعق كهربائي موجود في المكان الا ان الامر لم يكن هكذا”…
ويصف شاهد عيان آخر يرافق الشاهد الأول وتقدّم لمعاينة الواقعة عن كثب ما حصل فيقول:”هنا سمعنا هذا العنصر الامني يقول ان الامر ليس ناتجا عن كهرباء انما الطفل كان يعاني من حرارة مرتفعة جدا بدت واضحة عليه ووضعه الصحي بدا متدهورا”.
ويذكر الشاهدان الحديث:”- إبنك يغلي ويعاني من حرارة مرتفعة جدا الم تلاحظي؟ – لم يكن يعاني من أي مشكلة انه أمر طارئ”.
ويضيف شاهد العيان :”العنصر الامني فاجأنا بما قام به لاحقا، فاستفسرنا عنها وعلمنا انها تدعى دانا بريش وهي عريف تعمل عند نقطة التفتيش في المطار في الجهاز التابع لجهاز امن السفارات”.
“مات الصبي مات الصبي”
وهنا، ترفع العريف “بريش” سترة الطفل وبدأت تقوم بالاسعافات الأوليّة والطفل فاقد الوعي والجميع يسأل عن طبيب المطار الذي جرى الاتصال به مرارا الا ان خطه دائما مشغول والعريف تابعت القيام بمهام ليست في الاساس موكلة اليها عبر اسعافات أولية استخدمتها لايقاذ الطفل من فرك الاكتاف وسواها ولكن الامور استمرّت على حالها من التوتر والبلبلة لاسيما عندما “رأينا واضحا الطفل يقفل فمه ويقلب عينيه وتزرقّ شفتاه ولم يكن امام العريف الا ان تعطيه التنفّس الاصطناعي بواسطة الفم والكل حولنا يصرخ “مات الصبي مات الصبي”.
هنا طلبت العريف “بريش” الثلج ووضعته على وجهه في محاولة للتخفيف من حدّة الحرارة وهي تتابع “الانعاش القلبي” اللازم بشكل مستمر وبحدّة نفعته فسعل الطفل واستفاق وعيناه اغرورقتا بالدموع مبرهنا انه لا يزال على قيد الحياة…وخط الطبيب لا يزال مشغولا!
إنسانيّة لافتة!
ويتابع شاهد العيان:”المسألة استمرّت قرابة العشر دقائق الى الربع ساعة والكل متحلّق حول الطفل والعريف الذي اعطته “البانادول” في محاولة بديهيّة للمعالجة ثم وضعت له “تحميلة” في غرفة مجاورة للحدّ من حرارته المرتفعة الى حين وصول فرقة من الصليب الأحمر ونقلت الطفل الى أحد المستشفيات ولم نعد نعلم ما حلّ بعمر ابن الثلاث سنوات”.
شاهد العيان الذي يخبر عن انسانيّة هذا العريف يقول :”كثيرون اقتربوا منها وسألناها عن اسمها حشريّة منا كما عن سبب معرفتها بتلك الاسعافات فأخبرتنا انها كانت قد تلقّنتها من رفاقها في الصليب الأحمر”.
قوى الأمن الداخلي خدمة دائمة!
مرة جديدة تثبت مؤسسة الأمن الداخلي ان رسالتها سلامة المواطن بكل أبعاده حتّى الصحيّة منها وأن خدمتها لا تميّز بين مواطن او لاجئ انما يهمّها الانسان كإنسان، قصة “عمر” انتهت هنا وربما مرّت على خير…الا ان ما حصل فتح الباب لأسئلة كثيرة مشروعة: ماذا لو لم تكن العريف دانا تعلم تقنيات الاسعافات الاوليّة؟ ماذا لو قررت ان تكون متفرّجة على ما حصل؟ وألم يحن الوقت ليكون في المطار طبيب لا يكون خطه دائما مشغولا؟ وأليست هناك حاجة لتجهيز المطار بغرفة طوارئ صحيّة وطبيّة او أقلّه بالاسعافات الأوليّة اللازمة؟ وأليس من المُلحّ تفعيل دور العيادة التي تقع عند نقطة الوصول ؟” أسئلة نضعها بتصرّف المعنيين علّهم يجيبون!