قاتل الله الأحزاب .. كتب: الشيخ عباس حرب العاملي
إن تاريخ الأحزاب الدينية السياسية بصورة عامة، وبشكل خاص في البلاد العربية، تاريخ غير مشجع على الإطلاق.
إن لم نقل تاريخا ملوثا بالقمع والعزلة والتجهيل والدماء، ومخاطر الأحزاب الدينية السياسية مهما كانت مسمياتها الهية وخلفياتها وانتماءاتها، تتأتى من منظومتها الفكرية والمعرفية الثابتة التي لا تتغير ولا تتطور. بينما الحياة في تجدد وتبدل وتحديث مستمر.
كما إنها تخلط بين المقدس والمدنس، بين الإلهي المنزّه، وبين السياسي الكاذب الذي لا يأبه بالوسيلة- والاعب على التناقضات لتحقيق الأهداف والغايات الأرضية الخاصة.
فتختلق الذرائع، وتلتف على التعاليم، وتلوى عنق النصوص، لتطوّع الدين من أجل تحقيق مآربها ومصالحها، بل قل مصالح قادتها وأبنائهم وعوائلهم وعشائرهم.
كما إنها باستثناء الشعارات الوردية الضبابية الغيبية التي تستجدي عواطف العوام والبسطاء وتحتال عليهم، لا تمتلك أية برامج عملية واقعية لحل المشكلات الاقتصادية والتعليمية والصحية والسكانية والمعيشية التي تتفاقم يوما إثر يوم في مجتمعنا.
فمن وجهة نظر هذه الأحزاب: الحقوق كلها للإله. أي: أنها ستدفن أي أمل للناس بامتلاك: حق الاختيار ، حرية الاعتقاد.ط، و حق التعبير.
لأن تلك الحقوق تخالف عقيدتها الحزبية الصنمية وتوجهاتها التي تقضي بتعميم عقيدة واحدة، وتعاليم ومفاهيم دينية وثقافية واحدة.
وهي بذلك لن تحترم أي تعدد للأديان والمذاهب التي تذخر بها منطقتنا ومجتمعاتنا.
ولن تحمي، بل لن تفسح المجال، إن لم نقل ستقمع الآراء الأخرى التي بتنوعها وتعددها تغني المجتمع وتطور البلاد.
ففي عقيدتها أن لا مصلحة مشتركة في العيش، بين أتباع دينها أو مذهبها، وبين غيرهم من الناس.
إلا إذا كان هؤلاء الناس تحت سلطتها، خدما وبقرة حلوبا لها.