بقلم: الشيخ محمد علي الحاج العاملي
هو مطلب الكثيرين من الناس، لاسيما مع انتشار الفساد في كامل بنية الدولة اللبنانية، بأن يتم رفع السرية المصرفية عن موظفي الدولة عموماً، وليس فقط عن قضاة المحاكم الشرعية، لكن يكثر الكلام حول ثراء فاحش للبعض، لا سيما وأن بعضهم حديث النعمة، وإمكاناته المادية كانت أقل من عادية، وبليلة وضحاها أضحى لديه الثروات، والأموال، والعقارات، لذلك كثرت الأحاديث في الآونة الأخيرة عن ضرورة السعي لطلب رفع السرية المصرفية عن قضاة الشرع.
وهذا مطلب حق، لا يمكن لأي شخص نزيه أن يمانع من ذلك، نقول ذلك في الوقت الذي نشدد فيه على أهمية الاهتمام بالقضاة، وأن تكون رواتبهم تكفيهم، وأن لا يحتاجون لأحد، فموقعهم بالغ الحساسية، ووظيفتهم بمنتهى الخطورة.
لكن، في الوقت نفسه، ينبغي التشدد حيال طريقة أداء القضاة، وأن يحصل التركيز للحد من الرشاوى، ومن الإثراء غير المشروع، ولبنان منذ فترة يعاني من واقع اجتماعي غير سليم، وقد ازدادت فيه الرذيلة، وتدنت فيه القيم، وساد فيه التلاعب على القانون..
لذلك، من حق أي مواطن، المطالبة برفع السرية المصرفية، تحديداً بالنسبة للأشخاص المتضررين، لا سيما وأنّ لبنان بلد صغير، والناس تعرف بعضها، والقضاة محدودوا العدد، وتاريخهم معروف، وكذلك إمكاناتهم المالية، قبل وأثناء توليهم موقع القضاء، كذلك الجميع يعرف مداخيلهم المالية الشرعيّة، بل وغير الشرعية!!
وأخيراً، لا خلاص للبنان إلا بالتركيز على سلامة السلطة القضائيّة، فهي المدخل لصلاح المجتمع، والدولة.
وإذا كان وزير الداخلية قد طرح مسألة الفساد لدى القضاة، ونسبتهم المرتفعة، فإننا لا نملك أرقاماً دقيقة، لكنه كوزير للداخلية، هو في موقع المسؤولية، ولديه تاريخه في الدولة، ولا تقتصر خبرته على توليه الوزارة، بل لديه خبرته الأمنية الطويلة.. وبالعودة لموضوعنا، فلا يمكننا إلا أن نأخذ كلام وزير الداخلية بعين الاعتبار، لنؤكد من ناحية على ضرورة رفع السرية المصرفية عن جميع قضاة الدولة اللبنانيّة، وعائلاتهم، الذين يقدمون كشفاً بأملاكهم عند دخولهم للدولة. ومن ناحية ثانية، ينبغي الحفاظ على سمعة وهيبة القضاء اللبناني عموماً، الشرعي منه والمدني والعسكري؛ ويكون ذلك بتطهير الفساد، وتعزيز التفتيش، الذي سيكون لنا معه محطة قادمة.