الحساب الجديد الذي أطلقه رئيس الحكومة، حسان دياب، في “تويتر”، والذي خصصه للمواطنين والمتابعين كي يُسجّلوا اقتراحاتهم وتوصياتهم للحكومة الجديدة، عكس نيّة بدت جديّة لدى دياب للعمل والسعي لترجمة وعوده وكلامه بشكل عملاني. لكنّ وجود النيّة لا يستتبعه بالضرورة حضور القدرة والإمكانات، التي يفتقدها دياب بالشكل الواضح والمباشر.
ولعلّ دياب، الذي تسلّم حكومة “كرة النار”، يُدرك جيداً أنّ العمل وسط تصاعد الأزمة تلو الأخرى وتفاقمها، سيكون بالتحدّي الكبير الذي يجدر به مواجهته واجتيازه، إلا أنّ وعود دياب وكلامه وصولاً إلى المبادرة التويترية التي أطلقها، لم تقدّم حتى الآن أي خطّة أو خريطة طريق لبدء العمل، بل مجرد كلام وجعجعة بلا طحين.
والمبادرة التي أراد من خلالها دياب أن يُظهر حرصه على التقرب من اللبنانيين والاستماع إلى نبضهم ومطالبهم، اقتصر مضمونها، منذ إطلاقها قبل أيام، على تغريدة واحدة، تطلب إليهم تسجيل اقتراحاتهم وشكاويهم بأسلوب يتوافق مع القواعد والشروط التي وضعها الحساب، فيما أشارت وسائل إعلام إلى أنّ دياب سيشرف شخصياً على ما ينشره المتابعون ويسجلونه، وكذلك على الردود التي سيتم من خلالها الإجابة على أسئلتهم أو تعليقاتهم.
وفي حال كان دياب يسعى من خلال هذه الخطوة إلى بناء شعبية له، فإن التوفيق لن يكون حليفه في ذلك، مع الواقع الذي يشير إلى انعدام شعبية الرجل بين اللبنانيين. كما أنّ هدفه الاستماع إلى مطالبهم كي يتلمّس الطريق نحو بدء العمل وترجمة الوعود، ليس بالأمر المعقول لناحية الشكل والمضمون، إذ يجدر بدياب أن يباشر العمل وفتح الملفات من تلقاء نفسه، ولو كان ذلك بالقدر الضئيل الذي يتناسب وقدرته المحدودة في هذا الإطار.
وفي حين بادر العشرات إلى تسجيل تعليقاتهم، والتي تنوعت بين المطالبة بقضاء مستقل، وشفافية مطلقة في المناقصات، وحبس كل من يرتشي في الدوائر الحكومية، ومنح الأم اللبنانية الجنسية لأولادها، والبت في ملفات الفاليه باركينغ والباركميتر، ومنع أعمال البلطجة التي تمارسها الشركات المسؤولة عنهما، وغيرها الكثير من الشكاوى والاقتراحات، أبدى القائمون على الحساب حرصاً على الردّ على كلّ تعليق أو اقتراح، باستثناء التعليقات التي طالبت باستقالة دياب، والتي جاء الردّ عليها إما بالتجاهل أو بجملة: “يرجى قراءة قوانين الحوار في صفحتنا، إذا لم تكن لديك أفكار بناءة، الرجاء عدم المشاركة. شكراً”.
وكان يمكن لدياب، الحريص على هذا التقارب، أن يُسجّل سابقة بجعل هذا الحساب، مساحة تتسع للمطالب بجميع أشكالها ومضامينها، بدلاً من الصدّ أو التجاهل، أو رفع المسؤولية عن عاتقه كما عكس خطابه الأخير، الذي أشعل سجالاً واسعاً في مواقع التواصل، حيث استنكر كثيرون تصريحه بعدم تمكّن الدولة اللبنانية من حماية مواطنيها، والذي أتى استتباعاً لتصريح سابق حاول من خلاله أيضاً التنصّل من مسؤولياته برميها على “المحرضين الذين يمارسون الآلاعيب في الداخل والخارج”.
وعبّر مغردون عن صدمتهم من الحُجج التي يتذرّع بها دياب في كلّ مرة لتبرير “عجزه” عن العمل وإطلاق خطط إنقاذية، مجددين مطالبتهم باستقالته وإطاحة حكومته، إذ لا يكفي أن يكون دياب “إنساناً صادقاً وحابب يعمل شي”، حيث أنّ وضع البلد “لا يحتمل ترف الوعود والتمنيات”، بل “إننا ملأنا الشوارع والساحات منذ 17 تشرين لأن الدولة غير قادرة على حماية حقوقنا الاقتصادية-الاجتماعية! فهل فعلنا ذلك لتأتي حكومة يقول لنا رئيسها #حسان_دياب: “الدولة غير قادرة على حماية اللبنانيين”؟ النظام الحاكم عاجز عن النهوض بالبلد. تسقط الحكومة، يسقط النظام الحاكم!”، على ما غرّد الكاتب والناشط ماهر أبو شقرا.
المدن