“ليبانون ديبايت”تتوالى فصول فضيحة باخرة الذرة المُتعفِّنة لتكشف عن هشاشة المؤسّسة العقابيّة في لبنان ومدى تراخي بعض الأجهزة المعنيّة في تطبيق القانون داخل مرفأ بيروت.
حيث أنّ، قيام عناصر جهاز أمن الدولة بإيقاف تفريغ حوالي ٤٠ طنًا من الذرة في مبنى إهراءات بيروت، وسط تجاهل كلّ الإجراءات الإدارية والجمركية والقانونية، والكشف عن أنّ الكميات التي وصلت فاسدة، وغيرها من الفضائح، لم تكن كافية للإمعان بإرتكاب مخالفات قانونية فاضحة وعلنيّة، خصوصًا، بعد تدخّلات حصلت لإعادة الأربعين طنًا الى الباخرة الموبوءة التي كانت ستُفرِغ ثلاثة آلاف طنًا من الذرة الفاسد لتستقرّ في مبنى الاهراءات حيث يتمّ تخزين القمح الذي يأكل منه الشعب اللبناني.
حتّى أنّ فتح تحقيق بإشارة القاضي زياد أبو حيدر، لم يؤدٍّ الى الإقتصاص من المرتكبين والفاعلين، وأعُطيَت الباخرة الإذن بمغادرة المياه اللبنانية بطلبٍ من وزير الزراعة بدلًا من تلف حمولتها الفاسدة وتمّ ترك جميع المخالفين في حين لم يسجّل توقيف أي شخص من المتورّطين في هذه الفضيحة، وكأن “يا دار ما دخلك شر”.
هذه الوقائع، تطرح علامات استفهام كثيرة، يجب أن توجّه الى رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ورئيس الحكومة سعد الحريري والقيّمين على تطبيق القانون والمراجع المختصّة كما المعنيّة، على أن تكون الأجوبة سريعة وحاسمة، فكيف لوزيرٍ، أنّ يُقرِّر إخراج موادٍ فاسدةٍ من مرفأ بيروت والتحقيق القضائي لا يزال قائمًا؟!وكيف وافق المدعي العام على تنفيذ قرار الوزير خلال سريان التحقيق القضائي؟ وأين مبدأ فصل السلطات؟ ولماذا لم يتم توقيف المخلص الجمركي الذي أعطى الإذن بتفريغ كميات من الذرة الفاسدة في إهراءات القمح، وكذلك المسؤول عن استلام البضائع في الإهراءات؟ من دون أن ننسى أنّ التفريغ حصل قبل انتظار نتائج الفحوص المخبرية للذرة، وأنّ مهندس وزارة الزراعة أدلى خلال التحقيق، بأنّ الكميات التي وصلت غير صالحة وفاسدة، ومع ذلك لم تُسجَّل حالة محاسبة واحدة!
ومن علامات الاستفهام، “من هي الجهة التي تُحاسِب في لبنان؟ وما هو دور النيابة العامة غير الإقتصاص من المُجرِم؟ وإذا كانت النيابة العامة في إطار ممارسة صلاحياتها الدستورية توقف المخالفين في إطارِ حالةِ الشبهة، ألا يُعتبَر كلّ ما سبق حصوله أقلَّه حالةً من الشُبهة في ضوءِ مخالفةٍ صارخةٍ للنصوص الجمركية والنُظم الإدارية في مرفأ بيروت وقانون العقوبات؟!والسّؤال الأهم يبقى، “كم من باخرة في بيروت تُفرِغ شتّى أنواعِ البضائعِ في المرفأ بالطريقة نفسها؟ وأين هم أبطال مكافحة الفساد؟”.هذه الأسئلة نضعها ايضًا برسم مدعي عام التمييز الذي أبشرَ اللبنانيّون خيرًا عند تعيينه، فهل سيتمكَّن من تقويمِ الإعوجاج بدءًا من ملفّ فضيحة الباخرة إلى ملفات أكثر سخونة؟! والأيّام ستُثبِت من هم أقوى الأشخاص في بلدي “رجال القانون” أم “المافيات”.