“ليبانون ديبايت”- ملاك عقيل
لا يُفترَض، أن تكون الدهشة قد ارتسمت على وجوه الوزراء في جلسة بيت الدين حين ذكَّر رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ووزير الخارجية جبران باسيل ووزير الدولة لشؤون النازحين صالح الغريب، بخطو رة تجاهل تداعيات النزوح السوري في لبنان ومن ضمنها عدّاد الولادات المُر عِب.
والأفظع، ما بقيَ خارج إطار التسجيل الرسمي، وسط تلكؤ حكومي يرتقي الى مستوى التو اطؤ المُريب حيال أز مة يشكِّك كثيرون بقدرة الدولة على مواكبتها وحلِّها بمسؤولية طالما هي الدولة نفسها غار قة في مستنقع النفا يات منذ العام 2005 وفي معضلة الكهرباء منذ “دهر”!
النقاش في البند 22 الذي طُرِحَ من ضمن جدول أعمال الجلسة الاخيرة لمجلس الوزراء والمتعلق بطلب وزارة الداخلية تمديد تسجيل المواليد السوريين على الأراضي اللبنانية الذين تجاوزوا السنة من العمر قاد الى الغوص في الارقام، وطرح تساؤلات حول صحتها، وتبيان حجم “الكار.ثة” التي تستدعي حال استنفا ر لا يبدو أنّ الحكومة ككلّ معنيّة بها بقدر الضغط الذي يمارسه فريق رئيس الجمهورية من أجل تدارك تداعيات ما قد لا يُمكِن حصر أضراره في السنوات والعقود المقبلة.
وفيما قرّر مجلس الوزراء تكليف وزارة الداخلية إلزام المخاتير والمستشفيات على كلّ الاراضي اللبنانية والمفوضية العليا لشؤون اللاجئين، بضرورة إبلاغ الوزارة عن كلّ مولود سوري لتسجيل ولادته ومنحه الأوراق الثبوتية.
على أن تتولّى وزارة الخارجية بدورها إبلاغ السلطات السورية بهذه الولادات، فإنّ مطلعين، يشيرون الى “الجهود الاستثنائية من جانب “الداخلية” على خطّ النازحين في ظل عدم وجود رقمٍ دقيقٍ للولادات، خصوصاً أنّ الطفل السوري يفقد تلقائيًّا قدرة العودة الى بلده في حال لم تُنجَز أوراقه الثبوتية. أما عند وفاة الأهل فيصبح عديم الجنسية، وبحكم الامر الواقع يبقى على الاراضي اللبنانية وسط صعوبة انتقاله الى سوريا”.
ومع تبلِّغ مجلس الوزراء من باسيل، أنّ وزارة الخارجية لم يصل اليها سوى 26 الف ملف ولادة من أصل 188 الفاً أحصتهم المفوضية العليا للاجئين، تُعرِب مصادر في “التيار الوطني الحر” عن اعتقادها، بأنّ عدد الولادات السورية على أرض لبنان منذ العام 2011 يتجاوز بكثير الـ188 ألف ولادة.
وتذكِّر المصادر بـ “الاتهامات العنصرية التي تعرَّض لها باسيل وفريقه السياسي عندما أثارا خطر النازحين والتقصير في تسجيل ولاداتهم، فيما لم تُقرّ الحكومات المتعاقبة منذ العام 2011 الورقة السياسية الخاصة بالنازحين والتي كان أعدّها تكتل “الإصلاح والتغيير” آنذاك”.
وتلفت، الى الورقة السياسية التي أعدَّها الوزير الغريب مع فريقه السياسي في تكتل “لبنان القوي” والتي لا تزال تنتظر أن يتم ادراجها على جدول اعمال مجلس الوزراء، مشيرةً، الى أنّ “تطوّر الموقِفَيْن التركي والألماني في قضية النازحين السوريين تعطي الوزير باسيل وفريقه الحقّ في مقاربتهم لهذا الملف”.
إضافة الى مداخلة الوزير باسيل، تحدث الوزير صالح الغريب خلال الجلسة، مُذكِّراً، “بالظروف السياسيّة التي حالت دون أن تعرض الورقة التي أعدَّها على الاطراف السياسية والتي في أحد بنودها تعالج موضوع الولادات”.
ويؤكّد الغريب لموقع “ليبانون ديبايت”، أننا “أمام قنبلة اجتماعية موقوتة، حيث هناك ما يفوق المئة الف ولادة غير مسجَّلة في دوائر الدولة”، موضحاً بالارقام، “هناك 188 الف ولادة لأطفال سوريين من 2011 حتى شهر حزيران 2019”.
ويضيف، “في وزارة الداخلية تمّ تسجيل 77 الف ولادة فقط. مع العلم، أنّه بموجب قرار صادر عن مجلس الوزراء في شباط 2018 يجيز تسجيل الأطفال للذين تجاوزت أعمارهم السنة كاستثناء يتيح تجنّب اللجوء الى القضاء بغية التأكد من نسب الأطفال (الركون الى فحوصات الـ DNA المكلفة) تمّ تسجيل 7 آلاف ولادة، ما يرفع العدد الى 84 الف من المسجلين في وزارة الداخلية”.
وسيبدأ الغريب قريباً، وفق تأكيده، بزيارات الى الرؤساء الثلاثة لعرض مضمون الورقة التي أنجزها حول النازحين قبل وقتٍ قصيرٍ من حا دثة قبرشمون، ومن ثمّ طرحها لاحقاً على مجلس الوزراء حيث تتمثل كافة الاحزاب السياسية.
ويشير، الى “ضرورة حصول تعاون في هذا السّياق مع كل الوزارات والمؤسسات المعنيّة، لأن بغياب هذا التعاون ووجود إرادة سياسية جامعة لا مجال للحديث عن إمكانية تطبيق عملانية لهذه الورقة”.
ويلفت، الى وجود “آليات ذكية في ما يتعلّق بالتسجيلات وكيفية الإحصاء”، مؤكّدًا، أنّ “الرئيس سعد الحريري وعد بالتئام اللجنة الوزارية المعنية بملف النزوح قريبًا وأنا أراهن عليه لبتّ هذه الورقة والسير بها، كما أنّ فريقنا السياسي يصرّ عليها”.