رصد ومتابعة- شبكة تحقيقات الإعلامية
على وقع الفراغ في جسم الدولة اللبنانية، المتمثلة في غياب حكومة فعلية تهتم بأمر البلاد ومصالح العباد، وأمام حالة الجمود التي تعصف بالساحة اللبنانية الداخلية من جراء الإنهيار والشلل الاقتصادي التام، يستمر الخناق أكثر فأكثر على رقاب اللبنانيين، حيث الأمور وصلت لمستويات خطيرة من الانحدار وانعدام السيولة وغياب فرص العمل كما والرقابة على أسعار السلع المستمرة في الارتفاع نتيجة جشع التجار واستغلالهم لمعاناة الناس.
السلطة السياسية مستمرة في سياساتها لناحية تجاهل معاناة الناس، حيث لا حديث لمختلف الاقطاب السياسيين سوى حول التمثيل والحصص الحكومية، أما أحوال الناس المزرية فلا من يسأل عنها ويهتم بها، وهذه السياسة التجويعية بحق الشعب لا زالت مستمرة منذ ما بعد الحرب الأهلية، وفي هذا فالذنب على المواطنين الذين ما وقفوا يوماً في وقفة شجاعة لإزاحة هذا السرطان السياسي عن لبنان المتمثل في عقول وقحة تحكمنا وسلوكيات باتت تتّسم بالخداع والكيدية.
مسلسل الإنحدار في طريقه صوب الهاوية، تلك الأخيرة التي تُنذر بعواقب الأمور، في ظل إنفجار بات أقرب إلى الإشتعال من أي وقت مضى، ولبنان الذي يراهن الجميع على أنه يبقى بمنأى عن أي إشتعال وفوضى نظراً لتعقيداته السياسية والطائفية، سيشتعل دون أن نكون مدركين ولا حتى بقادرين على تجاوز تلك المحنة بالسهولة المرجوة.
أمام هذا الواقع الهشّ، يحتفل لبنان أو بالأحرى سياسيوه باستقلال هذا البلد في مناسبة يمكن وصفها ب “الخاصة”، نظرا لعدم اتاحة المجال أمام الناس للمشاركة وحضور العرض إلا من خلف الشاشات، ولأن الاستقلال يحتاج لمقومات غير متوافرة لدى لبنان، فيما الشعب بات لا ينظر لهذا العيد سوى من ناحية أنه يوم عطلة للراحة طبعا للموظفين فقط او بعضهم، اما بقية الشعب فلا فرص ولا عطل ولا رواتب “متل الخِلِق” ولا وطن ولا دولة يشعرون بانتمائهم اليها، فقط تسلط واستهتار وفساد ومناورات سياسية والاتي اعظم.
اسألوا أهالي باب التبانة في طرابلس عن الإستقلال، اولئك الذين احتفلوا بالأمس بمناسبة عودة المياه لخزاناتهم بعدما حُرموا منها لاشهر عدة، بفعل اللامبالاة وظلم الدولة وحقدها على الناس وخاصة منهم الفقراء، وكأنّ هناك ثأر بينها وبين هؤلاء الكادحين.
اسألوا اهالي بعلبك عن الإستقلال، اولئك الذين ينشدون الامن في ديارهم، فيما الدولة مصرة على تمزيق ساحتهم ومنطقتهم ودعم المافيات والزعران واعتقال الاوادم وتأمين غطاء امني لمروجي المخدرات، وكل هذا لبقاء المنطقة تحت سيطرة عديمي الكرامة والشرف والاخلاق والضمير.
اسألوا الطفلة إيلاّ طنوس والتي بُترت يداها بخطأ طبي فادح وفاضح، فيما القضاء يحاول إطالة أمد المحاكمة حتى تموت القضية، والتي شارفت على انهاء سنتها الرابعة.
اسألوا المشردين والكادحين عن استقلال مزيف، في وطن اضحى كل شيء فيه اكذوبة كبيرة.
اسألوا كل لبنان ولبناني، ليأتي الجواب موحدا .. “إستقلال مين يا حبيبي”!