رصد ومتابعة- شبكة تحقيقات الإعلامية
ما أوقح المسؤولين في بلادنا، ما إن يعتلوا منصباً حتى يتقصدوا أذية الناس، خاصة منهم أولئك الذين ساهموا في إيصالهم، فيعرضوا عليهم عضلاتهم ويتباهوا بعنترياتهم، على حساب كل ضمير وإنسانية ومبدأ وقانون.
معاناة كبيرة يعيشها جزء كبير من أهالي مدينة الميناء في طرابلس- شمال لبنان، حيث قيام البلدية بإزالة الأشكاك من على طول الكورنيش البحري، مخالفة بذلك حالات إنسانية يمكن وصفها ب “الكارثية”، من دون أن تسعى البلدية للإلتفات ولو قليلاً لأحوال هؤلاء الناس، وحيث جزء منهم هم من المعوقين ذوي الإحتياجات الخاصة، ممن يعتاشون من خلال بسطة ذرة، حالهم حال الكثيرين من أبناء المدينة، الذين كانوا ضحية قيام شرطة بلدية الميناء، ليس فقط بإزالة عرباتهم، لا وبل تكسيرها ومصادرة ما عليها من أرزاق، هي في نظر البلدية لا تساوي شيئاً، لكنها كل شيء بالنسبة لأصحابها المستورين.
البلدية ورئيسها التي وعدت الناس بالتعويض عنهم، تنصّلت فيما بعد من أقوالها ووعودها، خاصة للمعوقين الذين وعدتهم بمساعدات مالية شهرية ليتبين لاحقاً أنه لا قيمة عملانية لها، وهي تأتي ضمن سلسلة أكاذيب البلدية، والتي لا تهتم سوى لتنظيف الكورنيش، تمهيداً لأعمال توسعته وتطويره لحساب منتفعين يريدون لاحقاً إستثماره ضمن مشاريع افتتاح مؤسسات تجارية سياحية ضخمة، أما أولئك البسطاء الكادحين، فوجعهم لا قيمة له في قاموس بلدية تنصلت من أوجاع أهلها، ورقصت فوق جثثهم، ومستعدة لفعل أقصى شيء، من أجل الحصاد وتعبئة جيوبها، ولو كان مقابل ذلك، دموع ومعاناة وعذابات وعائلات تنام فارغة البطون جوعاً وقهراً.
إن قرار توسعة الكورنيش والإعتناء به واستثماره بشكل جيد، أمر لا نقاش به، ولكن دائماً ما يكون الضحية هو المواطن الفقير ممن لا يمتلك حتى صوتاً يرفعه، وليس لديه من يمون عليه في الوقوف معه، فالدولة باستطاعتها معالجة ذلك من دون كسر خاطر الناس واذلالهم، لكنا لم تفعل ولن تفعل، لمحاولتها مواجهة الناس بلقمة عيشهم، وفي هذا إمساكٌ لهم من الإفلات، وإنصياع لإرادة قوتها، تلك الأخيرة التي ومهما بلغ مداها فلن تدوم، ذلك أن عذابات الفقراء ستُحرق يوماً ثروات وخزائن وحتى أجساد الحمقى من الكاذبين والمرتشين والفاسدين والمتآمرين والزعران وعبدة المال، والتاريخ يشهد، وسيشهد.