حسين المولى
تنظر وأنت المراقب لما يجري حولك في هذا البلد المترنح على حبال الطائفية البغيضة، التي تنهش روحه وثقافته وحضارته وتاريخه وجغرافيته وإنسانه أولاً وأخيراً، فتوقفك سياسته الداخلية والخارجية، ليس في مشهد السياسة المقارنة مع الغرب الأوروبي والأمريكي فقط، بل مع الكثير من دول العالم الثالث، فتصف أن هذا الزمن هو زمن النفاق السياسي، حتى لا نسميه عهر سياسي فاضح لا يرقى لأي مستوى من العمل السياسي الراقي الصحيح و الدستوري. وزراء يسخرون وزاراتهم لأغراض إنتخابية سياسية حزبية وهم مرشحين، فيجولون المناطق اللبنانية لخدمة أحزابهم وبرنامجهم، متناسين هموم الناس والوطن النازف من فسادهم، و ووزراء آخرين يستخدمون المرافق العامة في التسويق السياسي،
ورئيس حكومة يقود بنفسه حملات انتخابية حزبية سياسية غير إنمائية، وهو المؤتمن والمسؤول عن مصالح الوطن ومؤسساته و المواطنين وعيشهم الكريم، ووزير داخلية يدير الإنتخابات النيابية وهو طرف حزبي ومرشح، ووزير خارجية صرف من خزينة الدولة أموالا طائلة بحجة الطاقة الإغترابية، في حين أنها لأهداف سياسية حزبية طائفية ظاهرة وبقوة.. ووزراء آخرين يسخرون تقديمات وزاراتهم لنفس الأهداف الإنتخابية والطائفية
هذا والمواطن اللبناني يعيش في بيئة فاسدة من مياه وكهرباء، وأزمات سير تجعل المواطن اللبناني عصبياً أنانياً موتوراً، ونفاياتٍ وأمراضٍ، وأزمة حكم وفساد، جعلنا الأسوء بين الدول، في كل معايير الحكم الرشيد السياسية والإقتصادية والإجتماعية، والجميع على دراية بالأرقام
ويتباهى أحزاب السلطة بالإنجازات، وهل تعيين سفير هو إنجاز؟ وهل إقرار موازنة لتغطية صفاقتكم المشبوهة هو إنجاز؟ وهل التعيينات القضائية هو إنجاز؟ وهل إنجاز هكذا قانون إنتخاب طائفي حزبي سلطوي هو إنجاز؟ وهل التمديد هو إنجاز؟ وهل وهل وهل
إنجازهم الأهم برأيي، أنهم كشروا عن أنيابهم في هذه الإنتخابات النيابية وبان للجميع، أنهم متحدون علينا وعلى تقدمنا وحريتنا ومعيشتنا، فترى أخصام الفكر والقضية، وأخصام الإنتماء والسياسة والعقيدة، وأخصام الرؤى والأهداف وأخصام أي لبنان نريد، متحالفين في لوائح متخاصمين في أخرى، متعاونين متحدين في وجه كل من يفكر في كسر احتكار هم لتمثيل هذا الشعب المظلوم، الملدوغ من نفس الجحر عشرات السنين ولا يزال ما زالوا
وفي وجه هذا الإحتكار المخطط له في قانون انتخاب على قياسهم، ودوائر على قياسهم، وتحالفات على قياسهم، للفوز بالمقاعد المخصصة لهم ولأبنائهم وأحفادهم، ومن دون برامج إنتخابية تلامس حاجات الناس الملحة والبسيطة، وتجد حلولا لهذا البلد المنهار والمفلس، ترى مجتمع مدني مشّتت مزهو ببريق ديمقراطية كاذبة، أوهمتهم بخرق لوائح السلطة، وبدل أن يجتمع على برنامج وطني يحاكي عقول الناس علّه يترك أثرا في بعض العقول الصدأة المأخوذة بخطابات التعبأة والتبعية، تراه كطفل فقد أمه ولا يعرف كيف السبيل، فترشحَ وشخصيات طامحة منذ الأزل بالدخول إلى البرلمان، وبعضهم لامس الثمانين عاماً وأكثر، حتى شكلوا أكثر من لائحتين في كل دائرة إنتخابية في وجه أحزاب السلطة، وأصبح أمر الخرق مشكوكاً به لجهة الحاصل الإنتخابي المطلوب للتمثيل، ذلك أن أحزاب السلطة تسعى لرفع نسبة المشاركة من أجل رفع هذا الحاصل الإنتخابي أمام اللوائح المنافسة
إذاً وفي ظل طفرة اللوائح الإنتخابية ومراهقة المجتمع المدني، وطموح العجائز الى السلطة، ستفوز أحزاب السلطة وبنفس المقاعد والأهداف، وسيستمر هذا الحكم الرشيد في فساده ونهبه ثروات البلد، ولن يكون لنا عين لنسأل عن ماء وكهرباء وطبابة وعمل وأمن وإنماء، فهم عيننا التي تراقبهم، بل هم أحفاد ألهة اليونان لا يسألون عما يستبيحون