83 قتيلاً «حصدتهم» طرقات لبنان في الشهرين الأولين من هذا العام على الطرقات التي تفتقد لأبسط قواعد السلامة العامة. إلى هؤلاء، يمكن إضافة 806 جرحى كادوا يفقدون حياتهم في 640 حادثاً في فترة لا تتعدى ستين يوماً. يسقط كلّ هؤلاء في ظلّ قانون «عصري» للسير يُطبّق منذ أربع سنوات.
وسيموت بعدهم الكثير، لا لوجود عطبٍ في القانون، وإنما لأن فهم المعنيين لهذا القانون يشبه فهم القوى الأمنية له، وهو يتوقّف عند قمع المخالفات رغم أن الهدف العام والأساس منه – كما جاء في مقدمته – يتمحور حول إصلاح «قطاع» السير عبر وضع خطة متكاملة للمعالجة.
وهو ما لم يحدث حتى هذه اللحظات. أربع سنوات، وقبلها سنوات من «النضال» لم تغيّر في «القطاع» سوى أشياء بسيطة على طريقة «الترقيع»، سواء في ما يخصّ إقرار المجلس الوطني للسلامة المرورية أو في الشق المتعلق بصيانة الطرقات وتطبيق قواعد السلامة المرورية، أو في تعديل المناهج وتحويل مكاتب السوق إلى مدارس، وغيرها من البنود التي يحتاج تفعيلها إلى نحو 120 قراراً ومرسوماً بحسب أمين سر المجلس رمزي سلامة.
لا بل أن هذا المجلس نفسه، لم يفعّل العمل به إلى الآن، لغياب التمويل. وليس حاله أفضل من حال نصف الطرق في لبنان التي نالت درجة «سيئ» في التصنيف الأخير الذي يقوم به مجلس الإنماء والإعمار، لناحية الإنشاء والصيانة واستيفاء مقومات السلامة العامة.
هذا الواقع هو ما يدفع للمطالبة، عند عتبة إكمال العام الرابع، إلى إعادة ترتيب أولويات الجهات المعنية بالقانون ـ من وزارة الداخلية إلى وزارت الأشغال والتربية وغيرهما من الوزارات والمؤسسات المعنية – بحيث تصبح حياة الناس التي تذهب في لحظة غياب قواعد السلامة المرورية في أول اللائحة
تطبيق قانون السير يحتاج إلى… قانون!
منتصف نيسان المقبل، ينهي قانون السير الجديد عامه الرابع. كأنها أعوام لم تكن، إذ لا يزال القانون ينقصه «قانون» ليصبح… قانوناً! فحتى هذه اللحظات، لم تُفعّل منه سوى بنود قليلة، على رأسها تلك المتعلّقة بـ«الغرامات» التي تذهب إلى صناديق لا علاقة لها بالسلامة المرورية – وهذه حكاية أخرى.
أما الهدف الأساس لوضع القانون، وهو إصلاح «القطاع»، فلم يتحقّق بعد. وبحسب أمين سر المجلس الوطني للسلامة المرورية (وهو الأصل في تطبيق سياسات السلامة المرورية)، الدكتور رمزي سلامة، يحتاج القانون – ليصبح نافذاً – إلى جملة من النصوص المعيارية (مراسيم وقرارات). يتحدّث سلامة – الذي يعمل منذ إطلاق المجلس وحيداً بلا موازنة ولا فريق عمل متخصص – عن بنود كثيرة غير قابلة للتطبيق «لأنه لم يصدر إلى الآن أي نصّ معياري يسيّرها».
بحساب بسيط، يقول: «أحصيت النواقص فتبيّن أنها مش أقل من 120 نصاً». أما لماذا لم تصدر بعد؟ ثمة وجهتان للجواب، الأولى يختصرها سلامة «بغياب الموازنات اللازمة ومنها موازنة المجلس الذي يعمل اليوم بالمَوْنة والتطوع»، والثانية ما يقوله مدير الأكاديمية اللبنانية للسلامة المرورية كامل ابراهيم عن التراخي وتراجع مرتبة موضوع إدارة السير والسلامة بالنسبة للمعنيين. هو، باختصار، «مش أولويتهم».
لكل هذه الأسباب، يفقد القانون روحه. منذ البداية لم «يُفكّر بكل مقومات تطبيقه»، يقول سلامة. إلى ذلك، يضاف العنصر المفقود في كل الحكاية: التنسيق، انطلاقاً من غرفة التحكم المروري وتشتتها بين هيئة إدارة سير المركبات الآلية وقوى الأمن الداخلي والغرف المستحدثة على «المقاس» لكل من بلدية بيروت وشركة «سوليدير» وشرطة بيروت، مروراً بداتا الاتصالات، وليس انتهاءً بوحدة المرور العالقة عند سؤال «من سيتولاها طائفياً؟»، بحسب ابراهيم.
المصدر: جريدة الأخبار