يلجأ لبنانيون إلى نوادي “يوغا الضحك”، التي انتشرت مؤخراً، بحثاً عن “دواء” يعالج “داء” الأزمات العامة، التي تشهدها البلاد، فضلاً عن الأزمات الشخصية.
و”يوغا الضحك”، اكتشفها طبيب هندي، يدعي “مادان كاتاريا” منذ العام 1995 في الهند، وتقوم فكرتها على تدريبات بدنية معينة كالتصفيق، والتنفس الصحي، والاسترخاء، وتتم بشكل جماعي ليكون هناك اتصال بين المتدربين.
وتخلق حالة من عدوى الضحك، والتي من شأنها أن تزيد من تفاعل هرمون السعادة داخل جسم الإنسان، وأيضاً تساعد وتسرع العلاج من الأمراض الناتجة عن الضغط النفسي كما أنها تقوم بتحسين المزاج.
يوغا الضحك
وتلقى هذه الرياضة العلاجية انتشاراً ورواجاً في لبنان، وإضافة إلى وجود ناد خاص لذلك في بيروت، كانت مدينة صيدا الساحلية (جنوب) هذا العام على موعد مع أول ناد للضحك، والذي يجذب إليه المزيد من أهل المدينة وجوارها.
أسست مدربة يوغا الضحك “سالي وهبة” (24 عاما) أول ناد ليوغا الضحك في مدينة صيدا المحافظة، باسم “نادي صيدا ليوغا الضحك” (Laughter Yoga Saida Club ) بالتعاون مع “هنا لطفي” صاحبة نادي “كارينا كازا كلوب” للأنشطة في المدينة وضمنها نادي يوغا الضحك.
وتقول وهبة للأناضول، إن “يوغا الضحك مفهوم بدأ ينتشر في لبنان منذ العام 2009″، مشيرة إلى أنها أسست النادي الخاص بهذه الطريقة العلاجية “أول يوم أحد من مايو/أيار الماضي، الذي يصادف يوم الضحك العالمي سنوياً”.
وتشرح أن الاسم يدل على أن هذه الرياضة العلاجية، التي تساعد الإنسان على الضحك، “تعتمد على مفهومين معاً، وهما الضحك وتمارين التنفس أي اليوغا”.
وتشدد على أن “يوغا الضحك تترك تأثيراً كبيراً جداً على صحة الإنسان سواء النفسية أو العقلية، فمن الناحية النفسية هي تؤدي إلى زيادة إفرازات هرمون السعادة الموجود في جسمنا وتنشط الذاكرة”.
وتضيف وهبة أنه “من الناحية الجسدية، فيوغا الضحك تدخل طاقة إيجابية الى أجسامنا، فضلاً عن تقوية الدورة الدموية، ذلك أن تمارين التنفس أو اليوغا مع الضحك تؤدي إلى زيادة استهلاك جسمنا للدم، وهذا ما يؤدي الى تنشيط الدورة الدموية وبالتالي تغذية خلال الدماغ بشكل خاص وجسمنا بشكل عام”.
مفيدة جداً لمرضى السرطان
وتلفت الى أن يوغا الضحك “تزيد من مناعة الجسم ضد الأمراض وهي مفيدة جداً لمرضى السرطان”.
وبحسب ما تشرح وهبة، فإن تأثير هذا التدريب لا يقتصر على ذلك، بل هو “مفيد كذلك في الحياة العملية والمدرسية وداخل البيت بين العائلة إضافة إلى مكان العمل، ولذلك ليوغا الضحك تأثير إيجابي كبير من النواحي النفسية والجسدية والعقلية والاجتماعية”.
وعن كيفية قبول التحدي بتعميم ثقافة يوغا الضحك في مدينة محافظة اجتماعياً إلى حد كبير مثل مدينة صيدا، تشرح “وهبة” أنه “رغم تأكدي من أني سأعاني من ضغوط ومشاكل، وذلك يعود ربما لأن الناس لم يسمعوا بالفكرة من قبل أو لا يعرفون معناها وفوائدها، فإن ذلك خلق عندي دافعاً بأني يجب أن أعمل على تحسين الوضع في منطقتي وكذلك أوضاع وحياة الناس الذين يعيشون فيها”.
وتلفت الى أن الحصص التدريبية، التي تجريها داخل المدينة حتى الآن، “ومنها الحصة التدريبية اليوم مخصصة للإناث فقط، وذلك لأن صيدا منطقة محافظة، لكن أعداد المشاركات يتزايد باستمرار”.
وتؤكد وهبة أن “الضغوطات التي نتعرض لها سواء اجتماعية أو اقتصادية أو نفسية في حياتنا اليومية، تشكل دافعاً ليكون هناك ناد للضحك (..) هذه الضغوط كانت دافعاً لي للعمل على نشر يوغا الضحك وتدريب الناس على رفع نسبة الهرمون المسؤول عن السعادة لديهم ويؤدي الى إدخال طاقة إيجابية”.
وتضيف “يفقد الناس بالفعل قيمة الضحك وأهميته. هناك الكثير من الأشخاص الذين يأتون إلى النادي ويقولون: لم نعد نعرف أو نتذكر كيف نضحك بل وليس لنا قابلية على ذلك، فهل يمكن أن تساعدينا؟”.
وتقول “في النهاية نلقى نتيجة إيجابية جداً لأن الناس هم من يطلبون المزيد من الضحك. وينهون الجلسات المخصصة لذلك والابتسامة تعلو وجوههم مع الشعور بالرضا”.
من جهتها، تشرح “هنا لطفي” (40 عاماً)، صاحبة نادي “كارينا كازا كلوب”، الدافع الذي جعلها تؤسس مع وهبة جلسات ليوغا الضحك ضمن ناديها.
يمنح الناس طاقة إيجابية
وتقول لطفي للأناضول، “شاهدت جلسات سالي (وهبة) وهي مدربة يوغا الضحك، في أنشطة عدة خارج صيدا، وأحسست ان ما تقوم به يمكن أن يمنح الناس طاقة إيجابية وهنا قررت أن صيدا تستحق نادياً ليتعرف أهلها على يوغا الضحك وفوائدها”.
وتوضح أنها “تستفيد من يوغا الضحك”، وتضيف “أنا شخصياً لا أضحك في حياتي اليومية بقدر ما أضحك في جلسة مدتها نصف ساعة من يوغا الضحك، خصوصاً أنه من الصعب أن يقدر أحد على إضحاكي. في البداية (بداية الجلسة) أصطنع الضحكة قبل أن تتحول إلى ضحكة طبيعية”.
وترى أن “الشعب اللبناني بحاجة جداً لطاقة إيجابية، وبما أن غالبية الناس باتت لديهم طاقة سلبية، فنحن نحاول أن نخرج الطاقة الإيجابية منهم من خلال الضحك. هذه الضحكة التي تخرج تكون عفوية وتتحول إلى طاقة معدية لمن حولنا كذلك فتساعد الشعب اللبناني على النظر للأمور بإيجابية”.
وتتحدث الموظفة دانا علماوي (45 عاماً) عن تجربتها مع “يوغا الضحك” بعد أول جلسة لها، فتقول “سمعت بجلسات يوغا الضحك، فأحببت أن أشارك وأتعرف. نحن بجاجة كثيراً للضحك للتخلص من العبء الذي نواجهه في الحياة مع أولادنا ومشكلات البلد العامة وتلك التي نواجهها في العمل”.
وتضيف “هذه المرة الأولى التي أشارك فيها وأحسست بتحسن، وكأن هناك عبئاً كبيراً أزيح عن ظهري وتخلصت من كل الضغط. وسأشارك ثانية”.
وتختم علماوي “نحن اللبنانيين فقدنا القدرة على الضحك من تلقاء أنفسنا. نحن جيل حرب (الحرب الأهلية اللبنانية 1975-1990) وأخاف أن نورث أولادنا فقدان القدرة على السعادة والضحك لذلك يجب أن نعالج أنفسنا بالضحك لكي نعلم أولادنا الضحك ونورثهم السعادة”