الكاتب : حسين المولى
كنا قد وصلنا في سلسلة خيانات عربية الى وفاة الشريف حسين بعدما نفاه من تعامل معهم الى قبرص ومات بحسرته، تاركا من الأبناء: علي وعبد الله الأول وفيصل وزيد.
أما علي فقد خلف أباه في الملك في تشرين الأول من عام 1924 وكانت المملكة مجزأة وسمعة عائلته قد تأثرت إلى حد بعيد في حين كان الملك عبد العزيز آل سعود قد وسَّع فتوحاته في الحجاز إلى أن هُزم علي عام 1925 وغادر إلى الهند ثم الى العراق حيث توفي في بغداد في عام 1935م.
أما عبد الله الأول فقد قدم إلى الشام لمحاربة الفرنسين في سوريا الذين طردوا أخيه فيصل ولكنه أوقف من قبل البريطانين في منطقة فلسطين، وعرض عليه وزير المستعمرات البريطاني آنذاك ونستون تشرشل قيام إمارة له شرق نهر الأردن. فمكنته بريطانيا في العام 1921 من تأسيس إمارة شرق الأردن، وبعد نيل الاستقلال عام 1946 حوَّل إمارته إلى مملكة. حاول حل النزاع الفلسطيني – اليهودي سلميًا، وحاول اقناع العرب بقبول قرار تقسيم فلسطين، كما تروي الكثير من المصادر أنه قال لممثلة الوكالة اليهودية جولدا مائير أنه يعتزم ضم الضفة الغربية وهي الجزء المخصص للعرب في مشروع التقسيم إلى الأردن، كما إنه يعتزم إقامة علاقات سلام وصداقة مع الدولة اليهودية، واللافت أيضا أن قائد الجيش الأردني في الجيوش العربية التي شكلت لمحاربة إسرائيل هو الجنرال غلوب باشا الإنجليزي الذي قال في مذكراته «جندي مع العرب» إنه تم الاتفاق بين توفيق أبو الهدى رئيس وزراء الأردن (آنذاك) وأرنست بيفن وزير خارجية المملكة المتحدة بحضوري على أن يدخل الجيش الأردني لا لتحرير فلسطين لكن لضم الضفة الغربية إلى الأردن وهي من الجزء الذي قسمته الأمم المتحدة للعرب وذلك على ألا يُقاتل اليهود مطلقاً أو يدخل أرض قُسمت لليهود.
وفي يوم الجمعة 20 تموز 1951، وبينما كان يزور المسجد الأقصى في القدس لأداء صلاة الجمعة قام رجل فلسطيني بإغتياله، حيث أطلق ثلاث رصاصات إلى رأسه وصدره ويعتقد أن سبب ذلك هو التخوف من إمكانية قيامه بتوقيع اتفاقية سلام منفصلة مع إسرائيل.
أما الملك فيصل الأول ثالث أبناء شريف حسين بن علي الهاشمي وأول ملوك المملكة العراقية (1921-1933) وملك سورية (1920)، فقد قدم مع الجيش العربي الى دمشق في مطلع تشرين الأول من عام 1918 على وقع الإنسحاب التركي وأعلن تأسيس حكومة عربية في دمشق في 8 آذار 1920 وأعلن المؤتمر السوري العام إستقلال سورية العربية تحت إسم المملكة السورية العربية وتتويج الأمير فيصل بن حسين ملكاً مدعوما بإتفاق حسين مكماهون أو متكأ على عمالة أبيه، و لكن بموجب اتفاقية سايكس بيكو بين بريطانيا وفرنسا زحفت الجيوش الفرنسية باتجاه دمشق، بعد أن نزلت بالساحل اللبناني، وقامت القوات الفرنسية بتوجيه إنذارها المعروف بإنذار غورو إلى الأمير فيصل في 14 تموز 1920 بعدم مقاومة الزحف الفرنسي وتسليم الخطوط الحديدية وقبول تداول ورق النقد الفرنسي السوري وتسريح الجيش العربي وإلغاء التجنيد الإجباري، وغير ذلك مما فيه القضاء على إستقلال البلاد وثروتها، وذلك خلال أربعة أيام، وأردف الانذار بحملة عسكرية على دمشق خسر فيها فيصل في ميسلون في 24 تموز 1920 وترك سوريا، وعلى إثر تكبد القوات البريطانية في العراق خسائر فادحة، أعلنت بريطانيا عن رغبتها في إقامة ملكية عراقية وترشح فيصل بن حسين، الذي نسي تضحيات العظمة ورفاقه في ميسلون وقبل بالعرض البريطاني لأن همه كأهله كرسياً سيفنى. توفي في عام 1933 في أحد مستشفيات سويسرا متسمماً بالزرنيخ والشبهة نحو مشغله بريطانيا.
من مآثر فيصل اتفاقيته مع حاييم وايزمان رئيس المنظمة الصهيونية وأول رؤساء إسرائيل لاحقا في مؤتمر باريس للسلام 1919 م للتعاون بين العرب واليهود في الشرق الأوسط ما نصها:
«إن الأمير فيصل ممثل المملكة العربية الحجازية والقائم بالعمل نيابة عنها والدكتور حاييم وايزمن ممثل المنظمة الصهيونية والقائم بالعمل نيابة عنه، يدركان القرابة الجنسية والصلات القديمة القائمة بين العرب والشعب اليهودي ويتحقق أن أضمن الوسائل لبلوغ غاية أهدافهما الوطنية هو في إتخاذ أقصى ما يمكن من التعاون سبيل تقدم الدولة العربية وفلسطين ولكونهما يرغبان في زيادة توطيد حسن التفاهم الذي بينهما فقد اتفقا على مواد كثيرة تعترف بإسرائيل قبل قيامها نذكر منها
– عند إنشاء دستور إدارة فلسطين تتخذ جميع الإجراءات التي من شأنها تقديم أوفى الضمانات لتنفيذ وعد الحكومة البريطانية المؤرخ في اليوم الثاني من شهر كانون أول سنة 1917.
ويبيع فيصل مجدداً العرب من أجل عرش له، فكان اتفاق فيصل – كليمنصو، بنصه إتفاق على قبول المملكة السورية بالإنتداب الفرنسي، وعلى اعتراف فيصل بأنّ “السوريين لا يستطيعون في الوقت الحاضر، أن يحققوا حريتهم، ويُنظموا إدارة الأمة دون مشاروة ومعاونة أمة مشاركة..
خلف طلال( 1909 – 1972) أباه عبد الله بن حسين في حكم المملكة الأردنية، وككل ملوك الأردن درس وتخرج من جامعات أسياده في لندن في الدراسات العسكرية ليتفننوا في حكم الشعوب بدل دراسة العلوم للرقي والنهضة. تولى العرش بعد اغتيال والده الملك عبد الله في القدس، وانتهت ولايته عندما أجبره البرلمان الأردني على التنحي عن العرش لأسباب صحية وعلى يد مشغله الإنكليزي أيضاً حيث اتهم بالجنون، وخلفه على العرش ابنه الحسين، الذي تتهمه مصر وسوريا بأنه قام بإخبار رئيسة وزراء إسرائيل جولدا مائير بشكوكه في نوايا كل من مصر وسوريا بنيتهما خوض حرب ضد إسرائيل في أكتوبر 1973 قبل موعد الحرب ب 11 يوم، وإنه اجتمع معها في مقر الموساد يرافقه رئيس الوزراء زيد الرفاعي غير أن معلوماته لم تؤخذ على محمل الجد من قبل جولدا مائير في حينها وكانت جولدا مائير غير متشجعة للتعامل معه بسبب تخوفها من رغبته في توقيع معاهدة سلام مع إسرائيل كان قد طرحها على وزير الخارجية الإسرائيلي أبا إيبان في اجتماع سري في لندن .
وكان قد ناشد إسرائيل من خلال المملكة المتحدة لتوجيه ضربة عسكرية لسوريا علي خلفية أحداث أيلول الأسود بسبب الدعم السوري للفصائل الفلسطينية التي حاولت اغتياله آنذاك
وفي يوم 11 تشرين أول 1966 أرسلت برقية تحمل رقم 1457 من عمّان إلى إسرائيل تظهر حرصه على بذل أقصى جهوده لمنع الأعمال الموجهة ضد إسرائيل انطلاقًا من الأردن .
في 7 شباط 1999 توفي إثر إصابته بالسرطان، وقبل وفاته بوقت قصير عزل أخاه الأمير الحسن بن طلال من ولاية العهد وعين ابنه الأكبر الأمير عبد الله بمنصب ولي العهد.
ولا ننسى أن في عهده أيضاً، تم صلحه المنشود منذ زمن بعيد مع الكيان الصهيوني، ولن نخوض في تحليل معاهدة السلام الأردنية الإسرائيلية عام 1994 في وادي عربة، فيكفي أنها اعتراف بإسرائيل وأنها تطبيع إقتصادي وثقافي واجتماعي إلزامي ويكفي أنه تنازل عن الحقوق العربية والحقوق الفلسطينية والمياه والأرض ويكفي أنها خروج من صراع الكرامة العربية ويكفي أنه تأجير لأرض عربية ل 99 عام ويكفي ويكفي … ويكفي أنها كشفت وجه الخيانة لسلالة الشريف حسين وسنتابع السلسلة مع آخر ملوكهم ..#خيانات_عربية