لعلّ أسوأ نموذج للأزمة اللبنانية الحاصلة اليوم بكل تعقيداتها تجد ارضيتها الخصبة في جنوب لبنان ، وسط عمق جهتين حزبيتين يُعتبران من أهم وأكبر القوى السياسية اللبنانية وأكثرها نفوذًا وتأثيرًا وهيبة.
هذه القوى يبدو أنها تعيش اليوم في قصورها العاجية وسط معاناة أبناء الجنوب اللبناني من سوء الخدمات والاحتكار وفحش الأسعار وعمليات التهريب وسوء الإدارات ، وهذه كلها أكثر خطورة من أي حصار خارجي مفروض.
فمنذ أكثر من أسبوعين وحتى اليوم (اشتدّت في الأيام الأخيرة) تعاني آلاف العائلات على امتداد مناطق وقرى وبلدات الجنوب اللبناني من انقطاع للمياه بسبب نفاذ مادة المازوت ، دون الحديث عن غياب شبه كلي للكهرباء ، واستحالة تعبئة وقود السيارات دون الاضطرار للذهاب برحلات نحو منطقة خلدة وخلافها لإيجاد هذه المادة ودون الحديث عن فحش الأسعار التي تكوي الناس بفعل حصار أبناء الذمم هناك كما سائر مساحات هذا البلد.
فمن المسؤول عن سوء الخدمات في جنوب لبنان ، وحيث أنّ الخطابات وسط الجوامع والحسينيات ما عادت مقبولة في نظر الناس ، فإما تحمل المسؤوليات أو الإعتراف بالفشل.