سمر يموت
ما إن غادر الوالدان المنزل حتّى حملت “السيريلنكيّة” طفلهما البالغ ستة أشهر وانطلقت به إلى منطقة طرابلس. هناك كان سائق “فان” بانتظارها ليقلّهما إلى بيته. لكنّ حِرَفية عناصر شعبة المعلومات في قوى الأمن الداخلي التي كثّفت تحرّياتها لكشف هوية الخاطف، أعادت الرضيع إلى حضن أمّه بعد ساعات قليلة على عملية الخطف، وتمّ توقيف العاملة المنزلية التي ادّعت أنّها شعرت بحبّ وحنان تجاه الطفل فخطّطت لخطفه من أجل تربيته وتبنّيه
تفاصيل عملية خطف الرضيع وردت في حكم أصدرته محكمة الجنايات في جبل لبنان برئاسة القاضي محمّد بدران جاء فيه
ادعى “مكرم.ع” بأنّ فاطمة مانيل العاملة لدى ابنته، قد أقدمت على خطف ابن ابنته “ر.خ” وعمره حوالي الستة أشهر. بنتيجة الإستقصاءات والتحرّيات المكثّفة لمعرفة مصير الطفل، تمكنت عناصر من شعبة المعلومات من توقيف العاملة المنزبية المذكورة في محلّة التل- طرابلس قرب كاراج الأحدب وبحوزتها الطفل المخطوف وتمّ تسليم الطفل إلى ذويه
اقتيدت “فاطمة” (مواليد 1979) الى التحقيق حيث عُثر بحوزتها على اخراج قيد لبناني مزوّر بإسم فاطمة أحمد سيور. باستجوابها أوّلياً أفادت بأنّها متزوجة من “مارون.س” وأنّها تعمل في تنظيف المنازل. وقد اعترفت بخطف الطفل المذكور صباحاً حيث تعمل، وتوّجهت به برفقة شخص لبناني يدعى “أبو علي” تجهل باقي هويّته الى مكان تجهله، بحيث تمكنت دورية أمنية من توقيفها. وأضافت بأنّ “أبو علي” هو من طلب منها إحضار الطفل بعد أن أعلمته بوضع عائلته الميسورة، زاعمة أنّها رضخت لطلبه بعد أن هدّدها بكشف موضوع اخراج القيد المزوّر الذي أمّنه لها كونها فقدت أوراقها الثبوتيّة
التحقيقات بيّنت أنّ “أبو علي” المذكور هو المتهم “عطاالله.ع” (مواليد 1964) وهو يعمل سائق “فان” بين بيروت وطرابلس. وقد أفاد بعد توقيفه أنّه تعرّف على المتهمة “فاطمة” عندما صعدت معه في “الفان” وكانت علامات الغضب بادية على وجهها، وأخبرته بوجود خلاف بينها وبين زوجها ومن ثمّ تبادلا أرقام الهواتف. وأضاف أنّها اتصلت به يوماً وأعلمته أنّها تريد الذهاب إلى طرابلس فطلب منها أن تنتظره عند نهر ابراهيم فحضر واصطحبها الى منزله وباتت عنده وغادرت في اليوم التالي الى مكان إقامتها، وأنّه عاد والتقاها بعد أربعة أيام في محلّة الدورة فأخبرته أنّ لديها ولد تتكبّد نفقات كبيرة عليه
يوم الحادث -يتابع السائق- اتصلت به “فاطمة” حوالي الساعة التاسعة والنصف وأخبرته أنّها متوجّهة إلى طرابلس لجلب بعض الأغراض، ومن ثمّ اتصلت به بعد حوالي الساعة والنصف لتخبره أنّها وصلت إلى -التل- فالتقاها قرب كاراج الأحدب وكان معها طفل صغير أخبرته أنّه ابنها، إلّا أنّه تفاجأ بالأمر كونه أبيض البشرة فاتصل بصديقه ليطلب منه نقل “فاطمة” والطفل إلى منزله ريثما ينتهي من عمله ليتلقى بعدها اتصالا من ذاك الصديق يخبره فيه أنّه جرى توقيفها
السائق وفي استجواب آخر عاد وأدلى أنّه عرض على “فاطمة” أن تحضر ابنها الى منزله في الشمال حيث سيعامله كأولاده كما سيؤمّن له أوراقاً ثبوتيّة، إلّا أنّه عندما شاهد الطفل شكّ بأمره رغم تأكيد “فاطمة” له بأنّه ابنها، نافياً علاقته بالخطف أو بالتخطيط له
بعد إجراء المقابلة بين العاملة المنزليّة والسائق، أفادت الأولى أنّها أخفت بعض الأمور في إفادتها السابقة، وقالت أنّها كانت تتشوّق لولدٍ تحتضنه وتتبنّاه، وهي لمّا حضرت للعمل في منزل والد الطفل ومشاهدتها للرضيع شعرت بحنان وحبّ تجاهه، ما دفعها للتخطيط لخطفه لتقوم بتربيته وتبنّيه، مضيفة أنّها هي من أوهمت السائق أنّ لديها طفل تتكبّد مصاريفه فعرض عليها نقله الى منزله للعيش معه لتربيته كإبنه وتأمين أوراق ثبوتيّة له، وأنّها يوم قرّرت خطف الطفل انتظرت خروج الوالدين من المنزل حيث نفّذت ما خطّطت له
أمام قاضي التحقيق نفت المتهمة ما هو مسندٌ إليها، زاعمة أنّ علاقتها بـ “أبو علي” اقتصرت على تأمين أوراقها كون اقامتها غير مشروعة، متهمة السائق بأنّه هو من أقدم على خطفها وخطف الطفل، فيما كرّر هو افادته بأنّ لا علاقة له بعملية الخطف وأنّه ساعد المتهمة لوجه الله
محكمة الجنايات في جبل لبنان برئاسة القاضي محمّد بدران وبعد 7 سنوات ونصف السنة على وقوع الحادث، أنزلت عقوبة الأشغال الشاقة لمدّة 5 سنوات بكل من المتهمين وجرّدتهما من حقوقها المدنية وأكّدت على إنفاذ مذكرة إلقاء القبض الصادرة بكلّ منهما، مع الإشارة إلى أنّ “فاطمة أوقفت لمدة سنة ونصف السنة، فيما أوقف “عطاالله” لمدة عام واحد قبل أن يُخلى سبيل كلّ منهما ويحاكما بالصورة الغيابيّة