أمس لم تكن ماغي محمود وحدها ضحية دولة مهترئة وفاسدة بل كان لأسعد، الذي كان سيحتفل بسنته الأولى بعد أسبوع، حصة من الموت المجاني.
فليل الثلاثاء لم يكن عادياً لعائلة الطفل أسعد عزالدين، الذي كان يعاني من حالة اسهال وحرارة مرتفعة. وبسبب انعدام الخدمات الصحية في عرسال، مسقط رأس الطفل، طلبت الطبيبة المعالجة من الوالد التوجه به إلى إحدى مستشفيات بعلبك لأنه بحاجة سرير عناية للأطفال.
وعند الساعة الواحدة ليلاً من يوم الأربعاء، كان الوالد في المستشفى المذكور، إلا أنّ “ما في مطارح عنا” كانت الضربة القاضية.
وبحسب ما أفاد الوالد مصطفى عزالدين، العسكري في قوى الأمن الداخلي، لموقع بنت جبيل أنّ الطفل كان بحالة صحية خطرة جداً، إلا أنّ أحداً لم يحرك ساكناً، “جلسنا ننتظر وتركوا الطفل، ما قدرت اعملو شي”.
وأضاف: “كان فيهن يحطوا إنعاش، يحطولوا أوكسجين لكون دبرت مستشفى تانية.. بس قالولنا ما عنا مطارح”.
وأشار إلى أنّه انتقل إلى مستشفيات أخرى بعدها، وفي إحداها قالوا لهم أنّ الطفل بحالة خطرة ولديه نقص أوكسجين بشكل كبير إلا أنّهم لا يملكون غرف عناية ولكنهم وضعوه بالانعاش. وفي المستشفى الأخيرة التي توجهوا اليها، كانت المحطة الأخيرة، حيث كان الطفل قد لفظ أنفاسه الأخيرة.
كما ذكر أنّه عرض المال عليهم، إلا أنّهم قالوا له مجدداً “ما في مطارح”، رغم التقرير الطبي الذي زودهم به، من قبل الطبيبة، الذي يؤكد أنّ حالة الطفل تستدعي التدخل بشكل عاجل.
لا زلنا في عصر التطور، نبحث عن سرير لطفل في مستشفى ولا نجد.
ربما بات علينا، وقبل أن نلقي اللوم على من يتخذون من البحر سبيلاً للنجاة، رغم أنّه ليس حلاً ولن يكون، أن ننظر أولاً إلى واقع تلك المناطق المحرومة من سرير عناية لطفل وسقف آمن لمدارس أطفالهم.
ربما الموت تحت سقف المدرسة أو بين أروقة المستشفيات أكثر رعباً وأكبر احتمالية. هؤلاء هم أفضل من يمثلون ما قاله المتنبي يوماً “أنا الغريق فما خوفي من البلل”.