رصد ومتابعة- شبكة تحقيقات الإعلامية
باتت الممارسات الشنيعة التي تُرتكب يومياً بحق فقراء هذا البلد لا تحتمل السكوت عنها، فرغم ما يعانيه اغلب الشعب اللبناني من اوضاع إقتصادية وإجتماعية قاهرة وموجعة، وغياب الدولة بكافة أجهزتها ومؤسساتها، نرى هذا الشعب يعيش يومياً صدمات قاتلة، تتجلّى في ممارسات إدارات المستشفيات مع من لا يملك المال الكافي، فمنذ ساعات قُتل الطفل حسين لمنع الاوكسجين عنه بعد ولادته نظراً لعدم توافر مبلغ ال 500$ مع والده في مستشفى المرتضى في بعلبك، وقبل حُرم الشيخ والعجوز والكاهل وغيرهم من دخول المستشفيات نظراً لعجزهم عن تأمين ثمن العلاج، فيما وزارة الصحة تتدخل بعد وقوع الجريمة بحق الفقراء، ليس لمعاقبة المستشفى أو مساعدة الناس، بل فقط ببيانات تُعلن فيها عن نيتها فتح تحقيق في الحادثة، في مشهد روتيني لطالما تنتهجه وزارة الصحة للتهرب من تحمل المسؤولية، لأن الناس أصلاً ليست من اولويات الدولة برُمَّتِها
هؤلاء الفقراء الذين يذوقون المرارة لتأمين قوت يومهم، لا تحميهم الدولة ولا يهمها أمرهم، فمن ناحية الصحة أطلنا في الحديث، لنأتي على الغلاء الفاحش من دون مراقبة جدية، تعفي الفقراء من دفع أضعاف مضاعفة ثمن مشترياتهم رغم مواردهم القليلة لا بل المعدومة، فضلاً عن غياب الكهرباء وإضطرارهم لدفع فواتير عالية، دون تمكن أغلبهم من الإشتراك من مولد كهربائي، فيعيشون مستأنسين مع العتمة والظلمة، هذا ولم نتحدث بعد عن الممارسات التي يلاقيها هؤلاء اثناء التسجيل في المدارس الرسمية التي باتت بمعظمها تفرض شروطاً لإلتحاق التلاميذ بها، مما يُحرم شريحة من قدسية حقهم في التعلم، لتكون الشوارع هي من تُربيهم وتوجههم، بدلاً من مقاعد الدراسة
ومع هذا نرى عين الدولة على الفقراء، تضطرهم لدفع ضرائب لا يستفيدون منها بالمقابل، حيث إعادة توزيع المداخيل لا تقترب منهم، هي فقط تقف عند اعتاب حسابات الساسة، أما المؤسسات الدينية في لبنان والتي وجدت لخدمة كل منها لرعيتها وأفرادها، فتراها هي الاخرى غارقة في وحل السمسرات والسرقات وتوزيع ارباح الاوقاف على دائرة ضيقة، دون اعتبار لأحوال من يجب أن تدعمهم، لتكون بذلك المؤسسات الدينية على صورة زميلاتها في الدولة، شعارهم في ذلك سرقة ثم فساد ثم كذب على الناس وامتصاص دمهم
الأخطر من هذا الإهمال كله، ما قد يصيب هؤلاء الفقراء من كلام غوغائي من جانب بعض السذج والحمقى، فيحملون المواطن وحده اعباء ظروفه القاهرة، كمن يقول مثلاً، على الفقراء الا ينجبوا طالما أنهم غير قادرين على تحمل تبعات ذلك، وعلى الفقراء ألا يفعلوا هذا وهذا وهذا، وكأن مالية الدولة ستُفلس مثلاً أو ما سيُقدم للفقراء سيُحرم هؤلاء الموتورين فكرياً من بعض دنانيرهم
فقراء هذا الوطن، باتوا يعيشون الأمرَّين، فهل من يترحم عليهم ويرحمهم وهم على قيد الحياة؟