كتب رئيس مجلس الوزراء حسان دياب، مقال في صحيفة “واشنطن بوست” تحت عنوان “أزمة فيروس كورونا تدفع لبنان نحو أزمة غذائية كبيرة”، مشيرا الى أنه “منذ أسابيع قليلة، شهد لبنان احتجاجاته الأولى على الجوع. لقد توقف الكثير من اللبنانيين عن شراء اللحوم والفواكه والخضروات وقد يجدون صعوبة في تحمل نفقات الخبز. كما حذرت منظمة “هيومن رايتس ووتش” والبنك الدولي من أن أكثر من نصف الأسر اللبنانية قد لا تستطيع شراء الطعام بنهاية العام”.
وسأل دياب: “كيف وصلنا إلى هنا؟ لقد ضرب لبنان وشعبه أزمة ثلاثية. أولاً، نتيجة لسوء الإدارة السياسية والفساد على مدى عقود، كان هناك نقص كبير في الاستثمار في قطاعنا الزراعي، الذي يمثل ربع القوى العاملة الوطنية ولكن 3 في المئة فقط من ناتجنا الاقتصادي.
بسبب الوضع المالي في لبنان، كان استيراد الغذاء أرخص من إنتاجه محليًا، على الرغم من أن بلدنا كان ينعم بالمياه والشمس والتربة الغنية والمزارعين الموهوبين. إلا أنه يتم استيراد أكثر من نصف الطعام اللبناني، وهو عار كبير وخطير على السيادة الغذائية”، موضحا أنه “ثانياً، يمر لبنان بأزمة اقتصادية ومالية غير مسبوقة قادت البلاد إلى التخلف عن سداد ديونها الخارجية.
صندوق النقد الدولي (IMF) يتوقع انخفاضا بنسبة 12 في المئة في الناتج المحلي الإجمالي للبنان هذا العام، فيما يفقد الناس وظائفهم تنخفض قيمة عملتنا الوطنية بسرعة، كما زادت أسعار المواد الغذائية المستوردة بأكثر من الضعف منذ بداية العام”.
ولفت الى أنه “ثالثاً، أدت أزمة “كوفيد 19” والإغلاق الضروري إلى تفاقم الأزمة الاقتصادية بشكل كبير وأحدثت اضطرابًا بالغًا في سلسلة الإمدادات الغذائية. 80 في المئة من القمح يأتي إلينا من أوكرانيا وروسيا. في الشهر الماضي، أوقفت روسيا صادرات القمح، بينما تفكر أوكرانيا في خطوة مماثلة”، مشددا على أن “حكومتي تتخذ خطوات مهمة لمعالجة هذا الوضع المأساوي. نحن بصدد توسيع شبكات الأمان الاجتماعي لحماية أفراد المجتمع الأكثر ضعفاً، ونبذل قصارى جهدنا لتقديم حزم مساعدات محددة. كما نتخذ إجراءات صارمة ضد محلات السوبر ماركت والمحلات التجارية التي ترفع الأسعار”.
وأوضح “أننا اعتمدنا مؤخرًا أول خطة للتعافي المالي في لبنان وتواصلنا مع صندوق النقد الدولي للحصول على الدعم، وهذا أمر لا غنى عنه لتحقيق الاستقرار لعملتنا وإعادة وضع اقتصادنا على قدميه. أخيرا وليس آخرا، نحن نعمل على سلسلة من الإجراءات لتحسين سيادة لبنان الغذائية”، معتبرا أن “موارد لبنان محدودة للغاية، ولن تكون الإجابة المحلية البحتة كافية. بالإضافة إلى ذلك، لبنان ليس وحده في هذه الحالة. ونتيجة للوباء، بدأت أزمة أمن غذائي عالمية في الظهور”، داعيا المجتمع الدولي المجتمع الى “تصميم وتنفيذ خطة ثلاثية المستويات لتجنب أزمة أمن غذائي كبيرة”.
وأضاف: “أولاً، يجب مقاومة محاولات تقييد الصادرات الغذائية. يجب على الولايات المتحدة ومجموعة العشرين ومنظمة التجارة العالمية أن تتقدم وتؤيد سياسات بشأن قيود التصدير. ثانيًا،أدعو الولايات المتحدة ومجموعة العشرين وبرنامج الغذاء العالمي إلى تنسيق استجابة سياسة الأمن الغذائي التي تستهدف البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل على حد سواء. يجب أن يكون الحفاظ على الإمدادات الغذائية وتجنب تضخم الأسعار في صميم هذه الاستجابة.
وأخيراً، يجب على الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي إنشاء صندوق طوارئ مخصص لمساعدة الشرق الأوسط على تجنب أزمة الغذاء الحادة. وإلا فإن المجاعة قد تؤدي إلى تدفق جديد للهجرة إلى أوروبا وتزيد من زعزعة الاستقرار في المنطقة”.
وشدد دياب على أن “الأمن الغذائي أصبح أزمة عالمية تتطلب استجابة عالمية منسقة. ستكون مأساة على مأساة إذا أفسحت جهودنا للتغلب على وباء كوفيد 19 الطريق في نهاية المطاف إلى المجاعة الجماعية والهجرة، التي سيشعر آثارها أجيالا عديدة”.