ريم الأمين
وحده هذا البلد يفرض عليك ألا تثق حتى بالطبيب، فكيف قد نصل إلى القرن الواحد والعشرين ولا زالت حالات الموت تحت أيدي الأطباء تتكرر.
سمر المغير ، وبحسب منشورات اقاربها على مواقع التواصل الاجتماعي، وبعد أشهر من انتظار مولودها بكل شوق، توجهت إلى احد مستشفيات بيروت وكلها أملاً بأن تبدأ مشوار حياة جديد مع ضيف سيزين العائلة.
ولكن شاءت الصدف أن تأتي سمر في الوقت الذي كانت فيه الطبيبة بحالة تحضير لسفرها العاجل إلى مؤتمر خارج البلاد. لم تنتظر ولادتها الطبيعية، ولم تمهل جسدها وقتا كي يعمل وفق ما هو مُقدر له.
ويتابع الاقارب: قررت حينها الطبيبة أن تعطيها إبرة الطلق الصناعي وأن تلجأ إلى عملية قيصرية سريعة. وفي إشارة إلى أن بلاد الغرب حيث الضمير الطبي الصاحي لا يقوم الأطبة بهكذا خطوة إلا بعد التأكد بأن عملية الولادة الطبيعية مستعصية وبأنها قد تؤثر سلبا على حياة الأم وجنينها.
أنهت الطبيبة عملها وفرحت سمر رغم آلامها بأنها التقت بطفلها بعد كل هذه الأشهر.. ولكن سرعة العمل وقلة الانتباه أدت إلى كارثة، بقي نصف الخلاص داخل جسدها ما أدى إلى تعفّنه وتسميم جسدها بالكامل.
شعرت سمر بعد الولادة بآلام مبرحة ولكنها صبرت إلى أن وصلت حرارتها إلى ال 40 درجة مع انخفاض في ضغطها لتدخل بحالة مستعجلة إلى قسم الطوارىء، فأخبروها بأنه لا حاجة للهلع وجعلوها تعود إلى منزلها.
عادت سمر نهار الأحد لتدخل المستشفى وتحديداً إلى قسم العناية ومكثت هناك أيامها الأخيرة ولم تخرج إلا جثماناً طاهراً البارحة تاركةً ابنتها سارة فريسة اليتم والحزن.
هي قصةٌ تكثر مثيلاتها في زواريب بلادنا، فمع غياب الحساب والعقاب بات الضمير مترنحاً بين الوجود وعدمه وفي حالة سمر فُقد تماماً فكانت ضحية إهمال وسرعة كلفاها حياة مع عائلة ومولودٍ فتح عينيه على الدنيا ولم يراها.