مع تعالي منسوب التوتر المناطقي ، الناجم عن موجة السرقات والتشليح الكبيرة ، وفي ظل عدم قدرة الدولة بأجهزتها الأمنية على ضبط الوضع المتفلِّت ، ظهرت إلى العلن مجموعة تُدعى “جنود الرب” ، انطلقت من منطقة الأشرفية لتشكيل ما أسموه “مراقبة ذاتية للمنطقة” منعاً من حصول سرقات وأعمال تشليح خاصة في ساعات الليل.
ترافق تشكيل هذه المجموعة “جنود الرب” ، مع تأييد سياسي لها من قبل بعض الأفرقاء والمسؤولين في منطقة الأشرفية ، وهم عبارة عن شبان يرتدون الزي الأسود ويحملون “الصلبان” كتأكيد على هويتهم الدينية.
“جنود الرب” ، هم جزء صغير من موجة طائفية مقيتة متواجدة في مختلف المناطق اللبنانية ، حيث الأمن الذاتي بصيغته الدينية ، وإعلاء شأن الطائفة والمذهب على حساب هيبة الدولة التي لم يعد لها من وجود ، فهذه الأزمة عرّت الكيان اللبناني برمته ، وبات قيام عنصر الأمن بمهامه يتطلب إمكانات غير متوافرة ، فنجحت مجدداً الكنتونات الدينية وسقطت الدولة المدنية في الشباك الطائفي من جديد ، وهذه المرة فالضربة قاسية ومتينة.
“جنود الرب” هم حالة تتشابه فيها كل الطوائف اللبنانية ، التي يحاول كل منها الإنسلاخ عن الدولة لقاء تشكيل فِرَقه الخاصة ، حتى أضحى الكيان اللبناني ، عبارة عن كيس كبير من النفايات ، بداخله شعاراتٍ مقيتة ، سبّبت من ذي قبل الحرب الأهلية ، ومستمرة في جعل البلد والناس أسرىً لها.