خاص- شبكة تحقيقات الإعلامية
ماتت والدتها فتعبت نفسيتها والشهرة كانت متنفساً لكآبتها.
تزوجت من حسين حلمي المهندس ثم كمال الشناوي واضطرت لأستغلال جسدها فنياً.
غيّرت من نمط ادوارها وأدوارد كان يستنزفها مادياً.
صدمت بحقيقة مرضها وماتت اثناء عرض فيلمها”انتبهوا ايها السادة”.
رغم شهرتها بأداء أدوار الإغراء، إلا أن الكثيرين لا يعلمون أن النجمة المصرية ناهد شريف تربت تربية عسكرية، إذ أنها الابنة الوسطى لضابط شرطة، ورغم جرأة أغلب أدوارها الفنية، إلا أنها دخلت لعالم الفن من خلال مأساة تعرضت لها في حياتها.
اعداد/ ابتسام غنيم
“سميحة محمد زكي النيال”، وهو الاسم الحقيقي للنجمة الراحلة ناهد شريف، ماتت والدتها يوم زفاف شقيقتها الكبرى، كانت حينها في الثامنة من عمرها، الأمر الذي أصاب اي سميحة بحاله اكتئاب نفسي شديد، حاول الأب إخراجها منها بمساعدة شقيقتها الكبرى، إلا أنها لم تشعر ان للحياة طعماً، و ازدادت نفسيتها سوءاً مع وفاة والدها بعد عامين من وفاه الأم.
والشيء الوحيد الذي أخرجها من حزنها، وحالتها النفسية المتدهورة، هو اتجاهها لعالم الشهرة والأضواء، ليتحول اسمها لناهد شريف، وتنطلق في سماء الفن، وما ساعدها على ذلك اقترانها بالمخرج المصري الراحل حسين حلمي المهندس الذي أخرج لها أفلام “صبيان وبنات”، و”تحت سماء المدينة”، و”أنا و بناتي”.
المهندس لم يساهم بشكل كبير في تحقيق نجومية ناهد، وإنما منحها قلبه أيضاً، إذ وقع في غرامها، وتزوجها رغم فارق السن الكبير بينهما، وقد اشتهرت النجمة الجميلة في بداية عملها الفني بدور الفتاه المغلوبة على أمرها، و التي تعيش مأساة، وأزمات في حياتها، وهو ما كان يناسب نفسيتها الحزينة وقتها، فتفوقت و لفتت أنظار الجماهيرلا سيما بفيلم”بيت العز” مع زكي رستم وزهرة العلا وفايزة احمد وصلاح ذو الفقار.
بعدها انفصلت ناهد عن المهندس بعد فترة زواج قصيرة في هدوء، وبسؤاله عن الأسباب التي أدت لوقوع الانفصال رفض الحديث عن هذا الموضوع، وأشار إلى أن حياته الخاصة لا يحب الحديث عنها، وقال إن ناهد نفسها حينما سألوها عن أسباب الطلاق قالت:”أنا اقدر الأستاذ حسين حلمي المهندس، ولكن الحياة الزوجية استحالت بيننا بعد انعدام التفاهم، فقررنا أن ننفصل في هدوء، وكل منا يحمل الحب والاحترام وأجمل الذكريات للآخر”!!
بعد انفصالها عن المهندس، حاولت ناهد التقرب من نجوم السينما، وكان الفنان كمال الشناوي الأقرب لها، ورغم أنه يكبرها بعشرات السنين، إلا أن العلاقة توطدت بينهما، خصوصاً بعد أن مثلت أمامه بطولة فيلم “تحت سماء المدينة”،وبعدها قامت ببطولة فيلم “نساء الليل”، الذي حصلت فيه ناهد على جائزة التمثيل الأولى وكان من إنتاج الشناوي، ولم يستطع بعدها أي منهما السيطرة على مشاعره، فقررا الزواج بشكل سري، لأن كمال الشناوي كان متزوجاً حينها، ولم يكن يرغب في الانفصال عن زوجته.
عاشت ناهد شريف حياة سعيدة مع كمال الشناوي الذي أكدت على أنه كان أقوى حب في حياتها، ولكن مع مرور الوقت شعرت بالملل في حياتها الزوجية، وضاقت من دور النصف زوجة، مما أثر سلبياً على حياتها الفنية أيضاً فقرر النجمان الطلاق، وكان ذلك عام 1972 لتفاجأ ناهد الجميع فيما بعد بقيامها ببطولة فيلم “ذئاب لا تأكل اللحم” الذي صورته في الكويت بتمويل لبناني ومن اخراج اللبناني سمير خوري.
وأثار ضجة عربية بعد أن ظهرت فيه عارية تماماً!! وتناولتها الصحف ووسائل الإعلام بأبشع النعوت والألفاظ والتهم، فحاولت الابتعاد عن الأضواء لفترة، ثم عادت ببعض الأفلام الكوميدية مرة أخرى مثل “البحث عن المتاعب”، و”المهم الحب” و”عريس الهنا”، “الأزواج الطائشون”، و” بدون زواج أفضل” وغيرها من الافلام التي كرستها نجمة جميلة وموهوبة، وتسربت اقاويل من مصادر مقربة منها حينذاك وهي انها اضطرت لتمثيل”ذئاب لا تأكل اللحم” وتظهر عارية لحاجتها الماسة الى المال!!
اما الأسباب التي دفعتها إلى ذلك فقد كتبت بعدها الناقدة ماجدة خيرالله كتبت مقالا في صحيفة القاهرة دافعت فيه عن موهبة ناهد شريف رافضة حصرها في خانة الإغراء والإثارة ذكرت فيه بعض المعلومات التي ربما تفسر لجوء ناهد شريف وغيرها من هذا الجيل إلى تقديم مثل هذه المشاهد، واكدت الناقدة خيرالله قالت إن سوء الحظ كان يتربص بناهد شريف، فبعد أن بدأت تحقق تواجدا سينمائيا ملحوظا.
أطلت واحدة من أزمات السينما المصرية أطاحت بأحلامها وكادت تهدد صناعة السينما المصرية بالتوقف نهائياً، فبعد هزيمة يونيه 1967، أصاب الكساد استوديوهات ومعامل السينما المصرية، وكانت الهجرة الجماعية لكل العاملين في الصناعة الذين وجدوا في استوديوهات بيروت ودمشق واسطنبول الملاذ، وطال بهم المقام لأكثر من ثلاث سنوات، قدموا خلالها عشرات الافلام اللبنانية والسورية والتركية!
هذه الأفلام كان مستواها يقل كثيرا عن مستوي أردأ الافلام المصرية! ولكن ضروريات الحياة أجبرت نجوم السينما وصناعها علي البحث عن فرص عمل بدلا من البطالة والانتظار اليائس لانصلاح حال السينما المصرية.
ماجدة خيرالله ذكرت أيضا أن ناهد شريف كانت تعيش أكثر من مأساة خاصة أنها كانت العائل الوحيد لشقيقتها التي كانت تعاني الشلل، وتحتاج لرعاية دائمة، ومع ذلك فلم تكن ناهد شريف من هذا النوع الذي يتاجر بمأساته أو يشكو حاله لينال عطف الآخرين، الناقدة المصرية هاجمت تقريرا أذاعته قناة نايل دراما ضمن برنامج نجم اليوم، يصف فيلم “ذئاب لا تأكل اللحم بأنه فيلم بورنو وقالت إن كاتب التقرير لا يعرف معنى كلمة “بورنو” وتساءلت عن سبب التركيز على ناهد شريف وإهمال غيرها من النجوم الذين شاركوا في هذا الفيلم وأيضا إغفال غيرها من النجمات اللاتي قدمن الأدوار الجريئة في هذه الفترة.
وبعد فترة تعرفت ناهد شريف في لبنان على إدوارد جرجيان صاحب ملهى “البلو اب”، وشقيق كيجام الراقص اللبناني الشهير، فألقى بشباكه عليها وطلبها للزواج، ورغم تحذير من حولها من الارتباط به لأنه مقماراً، إلا أنها ضربت بتحذيراتهم عرض الحائط، وتزوجته وظل كلاً منهما على دينه، وأنجبت منه طفلتها الوحيدة “باتريسيا” التي أصبح اسمها بعد ذلك “لينا”.
وغيرت الامومة من ناهد شريف كثيراً، وغيّرت من نوعية ادوارها فقدمت “ومضى قطار العمر” مع فريد شوقي، و”القادسية” مع سعاد حسني، وغيرها من الاعمال البعيدة عن الاغراء، وظلت ناهد في تلك الفترة تحاول تصحيح صورتها الذهنية في الوسط الفني وتابعت قيامها ببطولة أفلام درامية قوية مثل “لعنه امرأة”، و”الساعة تدق العاشرة”، و”الأرملة تتزوج فوراً”، و”العمر لحظه”.
وبعدة فترة زواج سعيدة لم تمض طويلاً، بدأت الخلافات تدب بين الزوجين، إذ كان إدوارد يستنزفها مادياً، ثم صُدمت ناهد صدمة كبيرة عندما علمت من خلال الفحوصات والتحاليل الطبية انها مصابة بمرض السرطان، وكانت معاناتها اكبر عندما لمست أن إدوارد لم يقف بجانبها، بعد أن عاشت معه زوجة مثالية طيلة خمس سنوات، وبعد إجرائها جراحة خطيرة في السويد، عاد وتركها وحيده، فاضطرت لقطع فترة علاجها لتعود للقاهرة بعد أن نفدت النفقات اللازمة للإقامة.
واضطرت ناهد للعمل قبل أن تستكمل العلاج، فأرهقت نفسها بينما كان زوجها يتجول في مونت كارلو وأسبانيا مع بعض الأثرياء العرب، وعندما سافرت إلى لندن طلبت منه مرافقتها ليقف بجانبها في محنتها ولرعاية ابنتهما الصغيرة، إلا أنه استغل مرضها في جمع المساعدات المالية بحجة علاجها، ليقوم بتجميعها في حسابه الخاص، وحتى المساعدات المالية التي كانت تحصل عليها من زملائها الفنانين كان يستولي عليها منها!!
ولم يعد بيد ناهد الشريف سوى اللجوء للسفارة المصرية في لندن، للتخلص من زوجها، وهناك كان للسفير حسن أبو سعدة موقفاً إنسانياً في تقديم يد العون لها، وبالفعل تم الطلاق بين ناهد وزوجها في السفارة المصرية بعد تزايد الخلافات بينهما.
أما طفلتها فقد رفض والدها التكفل بها، وظلت في كنف والدتها المريضة التي أقامت في شقة ببريطانيا مع شقيقتها، وبعد أن أكد الأطباء لناهد استحالة شفائها، عادت إلى القاهرة و بقيت في مستشفى القوات المسلحة بالمعادي أياماً معدودة، لترحل بعدها عن عالمنا في 7 أبريل عام 1981، عن عمر يناهز 39 عاماً، وكان يعرض لها حينها فيلمها الاخير”انتبهوا ايها السادة” مع محمود ياسين وحسين فهمي.
وهكذا عاشت ناهد حياة فنية تارة جميلة وطوراً صاخبة وختمتها بأعمال هادفة، لكنها مرة لم تتكلم عن سبب استغلال جسدها فنياً بالافلام، لانها كانت ترفض ان يعلم احداً شيئاً عن المآسي التي عانت منها في حياتها.