رصد ومتابعة: خاص شبكة تحقيقات الإعلامية
منذ مِدَّة شهدت بعض منشآت وأعمدة معرض رشيد كرامي الدولي إنهيارات جزئية وتصدعات مفاجئة وسريعة ، حيث الصور التي بحوزة تحقيقات تثبت أن الامر بات يتطلب تدخلاً سريعاً، خاصة وأن المعرض مقصداً للناس على امتداد العام، وبالتالي فإن إبقاء الوضع على حاله يُعد ضرباً من الجنون.
المهندس المعماري والاستاذ الجامعي في كلية الفنون والعمارة في الجامعة اللبنانية ورئيس إتحاد حوض المتوسط للمعماريين UMAR وسيم ناغي، يؤكد عبر تحقيقات أن التصدع في منشآت معرض رشيد كرامي الدولي أمراً طبيعياً، خاصة وان المبنى مشيد بالباطون المسلح المعروف بصلابته ومتانته، لكن هذا الأخير بقي دون طلاء أو تغطية، مما يُعجِّل في إمكانية تصدعه،
مضيفاً: أن بُعد المبنى ما قرابته 300 متراً فقط عن البحر هو سبب إضافي في حدوث ظاهرة التدهور الإنشائي كونه يصبح عرضة للهواء المشبع بالأملاح والرطوبة والذي يعتبر العدو الاول للباطون المسلح.
مشيراً: أنه تمّ إثارة الموضوع مع بداية حدوث تشققات وتلف في المنشآت منذ مطلع العام 2014، من دون أي بيان أو إشارة إلى جدية في متابعة الأمر، وهذا دليل أن المعنيين في ثبات عميق.
مضيفاً: فور إنهاء أعمال البناء في العام 1975 اندلعت الحرب الأهلية فتأثر خلالها من جراء القذائف التي تلقاها ما أضعفت سلامته وهيكله ليصبح عرضة لاحتلالات عسكرية، عمليات تخريب ممنهج وسرقات. إضافة إلى تخريب ونزع مواد العزل مع تعرض أجزائها للتلف، كما أن جميع الترميمات التي حصلت حال انتهاء الحرب في مطلع التسعينات لم تكن بالمستوى المطلوب .
مردفاً: يقدّر عمر الخرسانة المسلحة بين 150 و200 سنة تقريباً ما يجعلها متماسكة لمدة طويلة منذ الزمن ، لكن منشآت المعرض لم تتعرض إلى أي صيانة جدية طوال الخمسين سنة وهذا ما زاد من ضعف عملية الديمومة والقدرة على الإستمرار. بدأت التشققات والتلف في الباطون وظاهرة carbonation (نسبة عالية من الكاربون في الباطون)، انكشاف حديد التسلح، وتعرضه للهواء الرطب ما جعله عرضة للصدى الذي أدى إلى انتفاخه وبالتالي تكسير السطح الخرساني.
محذراً من أن منشآت المعرض اليوم في خطر، فحاله تطابق المثل الإنكليزي”عندما يتكلم المبنى يجب أن ننصت له”. هذه المباني تكلمت منذ عشرات السنين حين أظهرت على أسطحها العديد من التشققات والتلف الجزئي، إلى أن وصلنا إلى نهاية العام ٢٠١٦ الذي حدث فيه إنهيارات جزئية لسطح المسرح المكشوف من السطح الذي هو عنصر غير إنشائي لكنه خرساني(يعتبر الغلاف). بعد سقوطه ظهرت الجسور الحاملة من المسرح المكشوف والتى دلت على سوء حالته من تلف وخلافها ما شكل خطراً على استخدام المبنى. فمنذ ذلك الحين أغلق بوجه الزوار.
متابعاً حديثه: أما مؤخراً فقد حصلت إنهيارات في عناصر غير إنشائية ألا وهي الغطاء الكبير( الجزء المخصص للمعارض الدولية ولكن في القسم غير المؤهل). ففي منتصف التسعينات تم تأهيل نصفه في ظل إبقاء النصف الثاني على حالته السيئة منذ خمسين سنة بدون أيّة معالجة لسطح البناء أو الحماية من مياه الأمطار والرطوبة، ولا حتى طلاء الباطون بمواد مقاومة للكربون . كل هذا أدى إلى حدوث إنهيارات حدثت منذ حوالي بضعة أسابيع قليلة. هذه بداية تأثير الدومينو حين ينهار جزء ينهار الباقي بشكل متسلسل. هناك تصدعات واضحة جداً في برج خزان المياه، إنهيارات في سقف متحف الفضاء( مقفل لا يراه أحد)، في القبة الخرسانية للمسرح الإختباري هناك تشققات واضحة وظهور حديد التسليح الذي تفتت نتيجة الصدأ.
مضيفاً: هذه مباني ذات قيمة تراثية وثقافية مهمة عدا عن قيمتها الإقتصادية التي تعكس إيجاباً على تطوير البلد. لكن الإهمال، غياب الصيانة، والإفتقار لإدارة قادرة على مسك زمام الأمور لأنها تتألف فقط من رئيس ونائبه اللذان يعملان بأقصى جهودهما على إنماءه وفقاً لما هو متاح لديهم، كلها عوامل تصب في خراب هذا الصرح الحيوي والهام.
مشيراً إلى أن ذلك يحرم هذا الصرح من فرص استدراج عروض للصيانة والتأهيل، بسبب عدم توافر الموازنات اللازمة، ما يؤدي إلى تعطيل دور مجلس الإدارة الحالي، والذي انتهت مدة ولايته منذ حوالي السنة والنصف دون أن تبادر الحكومة إلى تعيين مجلس إدارة جديد، ولأسباب غير معلنة، كما أن قانون المعرض يُخضعه لوصاية قاسية جدا ومباشرة من قبل وزارتَي الإقتصاد والمال، فأي معاملة تخص المبنى تدخل في روتين إداري قاسي ومتعب وأحياناً غير مجدي.
خاتماً حديثه بالدعوة لإيلاء هذا الصرح الإهتمام المطلوب، وإلاّ نكون أمام خسارة غير عادية لمبنى لطالما شكّل أحد اهم المعالم الثقافية على مستوى الشمال وكل لبنان.
فما موقف المعنيين من هذه الإنهيارات، وهل سنشهد إلتفاتة مطلوبة، أم يبقى المعرض في حالة إنهيار شبه يومي، وبالتالي نصل ربما لمرحلة يُصبح فيها هذا الصرح غير صالح للإستخدام؟ أو ربما بلا مبانٍ ومنشآت بل مساحة أرض مليئة بالركام؟!
نستكمل التحقيق تباعاً …
(الصور المنشورة زودنا بها المهندس وسيم ناغي)