متابعة: هشام فارس
هل من أحدٍ منا يتصور أنه من الممكن أن يخسر في إحدى اللحظات وفجأة، فرد من أفراد منزله، فقط بسبب رصاصة طائشة؟ هل من أحدٍ منا يتخيّل نفسه يحتضن أحد أفراد عائلته وهو ملطخاً بالدماء ويلفظ أنفاسه الأخيرة؟
أتوقع إن أغمضتوا أعينكم وتخيلتوا هذا المشهد المأساوي للحظة، عندها لن تتوانَ فقط عن إطلاق النار عشوائياً إنما لن تحمل سلاحك- حتى المُرخص منه- إلا في الأماكن غير المحتشدة بالناس والبعيدة عن السكن، وحتماً ستتوقف عن التفاخر والتعبير عن فرحك أو حزنك بالسلاح.
هذه السلوكيات التي باتت جزءا لا يتجزأ من أفراحنا وأطراحنا، سلبت أطفالاً وشباب وشيوخ، وأبكت عائلات خسرت ذويها فجأة دون أي سابق إنذار ومن دون أي تبرير.
فقط تخيلوا حالة هؤلاء، وضعوا الحالة هذه على أعز الناس لديكم. هذه السلوكيات الخارجة عن الشرع والأخلاق والقانون باتت سلوكيات تدخل حياتنا اليومية، وتقتل كل يوم بريئاً كل ذنبه أنه تواجد في المكان والتوقيت غير المناسبين.
وبعد العديد من الضحايا منهم وسام بليق، محمد شرقاوي، حسين العيسى، باتينا رعيدي، محمد البقاعي، ساري سلوم، واللائحة تول وتطول، نجا مؤخراً نجل المخرج فيليب عرقتنجي من رصاصة طائشة إخترقت شباك غرفته، وقبعت هناك على بُعد مترٍ واحد من مكان جلوسه، ليرسم القدر بين الموت والحياة ثانيتين أو أقل..
تُشير الإحصائيات إلى نسبة مخيفة من أبرياء رحلوا نتيجة الرصاص الطائش هذا. وكان قد تقدّم النائب غسان مخيبر العام الماضي باقتراح قانون معجل مكرر الى مجلس النواب، ينص على ملاحقة ومعاقبة كل من يطلق النار في الهواء من سلاح مرخص أو غير مرخص، وقد وقع 10 نواب من مختلف الكتل النيابية على إقتراح القانون، الذي يتألف من مادة وحيدة تنص على أنّ “كل من أقدم لأي سبب كان على اطلاق عيارات نارية في الهواء من سلاح حربي مرخص او غير مرخص به، يعاقب بالحبس من ستة أشهر الى ثلاث سنوات وبغرامة من ثمانية أضعاف الى عشرة أضعاف الحد الأدنى الرسمي للأجور. ويصادر السلاح في جميع الأحوال ويمنع الجاني من الإستحصال على رخصة أسلحة مدى الحياة.”
لكن أين القانون في بلد الفلتان والفوضى؟ ما هي الضوابط في دولة لا حسيب فيها ولا رقيب؟ أين القانون في بلد إنتهت فيه الحرب منذ زمن لكن إشتعلت نتائجها النفسية والسلوكية في تصرفات شبابنا الطائشة حتى بتنا نسأل أنفسنا كل يوم: من التالي؟!