رصد ومتابعة – شبكة تحقيقات الإعلامية
ليس في هذا المقال ، ما هو دفاعٌ عن شخص ، بل عن قضية أستاذة متعاقدة في التعليم الرسمي في لبنان ، استطاعت أن تؤثر بصوتها وثباتها وحضورها ، على وزارة التربية والتعليم العالي بأكملها ، فاهتزت الأخيرة على وقع معطيات دامغة وحقائق واضحة ، والأهم إرادة صلبة نحو تنظيف حقل التربية من “وساخة” القائمين عليه.
قرار طرد تعسفي .. فريد من نوعه في تاريخ لبنان
أصدر وزير التربية والتعليم العالي في حكومة تصريف الأعمال عباس الحلبي ، قراراً بإعفاء الأستاذة المتعاقدة في التعليم الأساسي الرسمي نسرين شاهين من عملها في التدريس (بعد ١١ عاماً في هذا المجال) ، عن السنة الدراسية الحالية كما والسنوات القادمة ، مبرراً قراره ب “إنتفاء الحاجة” ، رغم معرفته بعكس ذلك كلياً.
ومع أنّ قرار وزير التربية يُعدّ الأول من نوعه في تاريخ لبنان الحديث ، وهو في الشكل والمبدأ ، ومن الناحية القانونية يعتريه الكثير من الشوائب ، إذ أنّ الأمر يجب أن يمر أقلّه بلجنة تحقيق ثم بالمنطقة التربوية في المكان الجغرافي لعمل الأستاذ ، ثم الدائرة المعنية في الوزارة ، لكن الوزير أصرّ على تسجيل نقطة سوداء في سجل التربية في لبنان عبر هذه الطريقة ، ربما لتوجيه رسالة في اتجاهات متعددة ، أو تخويف بعض الأساتذة ومحاولة لجمهم عن المطالبة بحقوقهم ، خاصة وأنّه خيّرهم مؤخراً ، وبلهجة التحدي ، بين العودة للتعليم او ترك وظيفتهم.
قرار الطرد .. تواطؤ مشترك بين الوزير وروابط أحزاب السلطة
في هذا السياق ، أكّدت الأستاذة نسرين شاهين ، وهي من مؤسسي ورئيسة اللجنة الفاعلة للأساتذة المتعاقدين في التعليم الأساسي الرسمي ، في لقاء خاص مع تحقيقات نيوز ، أنّ قرار فصلها عن التعليم ، أتى بتواطؤ مشترك بين الوزير الحلبي وروابط “أحزاب السلطة” ، الذين انزعجوا من كلامها وتصريحاتها المتكررة عن ضرورة وضع حدّ للفساد في وزارة التربية وكذلك اعطاء الحقوق للاساتذة المتعاقدين. فضلاً عن كون تلك الروابط منزعجة كذلك من انتاجية عمل اللجنة الفاعلة والتي فاقت بأشواط عمل سنوات من الفشل قادتها الروابط.
صوتنا أخافهم .. ملايين أُهدِرت بالصفقات
واعتبرت ، أنّ كشفها للفساد داخل أروقة وزارة التربية هو عمل مُشرِّف ، إذ أنّ هذه الوزارة هي اكثر من استحصلت على المساعدات وبملايين الدولارات وجرى تقاسمها بين الموظفين ، وفق مبدأ المحسوبية والتنفيعات والزبائنية.
متسائلة ، ما إذا كان الحديث عن فساد وزارة التربية ومطالبتها المعنيين بتوضيح الأمر ، ورفضها التهاون بحقوق زملائها في التعليم ، عبر فضح قرار الساسة بعدم تثبيتهم واعطائهم حقوقهم وتركهم عرضة للاهمال وسوء الاهتمام ، إن كان هذا يستدعي طردها وبهذه الطريقة المهينة ، في محاولة “لتربيتها ربما” ، جرّاء حرصها على التربية؟!.
وأضافت الأستاذة نسرين شاهين: “أبسط حقوقنا المهدورة رغم إقرار القوانين بشأنها ، هو بدل النقل ، الذي بقي ولفترة طويلة داخل الجارور من دون تنفيذ ، فإلى هذا الحدّ لا قيمة لنا في قاموس الوزارة وبعض المنتفعين وروابط السلطة التي هي على تناغم كامل مع الوزير”.
وختمت ، بتأكيد استمرارها على ذات النهج ، وبأنّ قرار طردها من التعليم لن يمرّ ، إذ أنّ هناك العشرات من المحامين الذين تبرعوا للدفاع عن قضيتها أمام مجلس شورى الدولة ، أو لدى اي جهة رسمية قد تكون مخولة النظر في مثل هكذا قرارات ، تعني الجسم التعليمي بأسره لا شخص بعينه ، وفق تعبيرها.