دخل المجلس الاسلامي العلوي مرحلة جديدة من تاريخه، سيكون لها إنعكاسات عدة على الطائفة وعلى توجهاتها وحضورها على الساحة اللبنانية، وذلك بعد إقرار مجلس النواب في جلسته التشريعية أمس إقتراح القانون المعجل المكرر المقدم من النائبين الدكتور علي درويش ومصطفى علي حسين، ويرمي الى تمديد ولاية الهيئتين الشرعية والتنفيذية وإنتخاب رئيس ونائب رئيس، ليصار خلال هذه الفترة الى إعادة صياغة المجلس بدءا من القاعدة بانتخاب الهيئة المدنية (نحو 90 شخصا يضاف إليها 20 رجل دين) وإدخال دم جديد عليها، ومن ثم إنتخاب الهيئتين الشرعية والتنفيذية.
يمكن القول إنه مع إقرار القانون بدأ نائبا الطائفة يسلكان طريق التغيير الحقيقي الذي يتطلع إليه العديد من العلويين، وقد أثبتا قدرتهما على فرض تعديلات ومعادلات جديدة، خصوصا أن الانتخابات التي ستجري بمجرد صدور القانون في الجريدة الرسمية لاختيار رئيس ونائب رئيس ستكون خارج أي سيطرة أو هيمنة سياسية أو حزبية، وهي ستؤسس الى إنتخابات ديمقراطية بعد سنتين تستطيع من خلالها النخبة العلوية إختيار من تراه مناسبا لتمثيلها، تمهيدا لاخراج الطائفة من حال التقوقع الذي كان مفروضا عليها، وإرتباطها بشكل دائم بخلافات سياسية وتوترات أمنية كانت تفرض عليها، الى الانفتاح الكامل.
لذلك فقد ترك إقرار القانون في مجلس النواب ارتياحا عاما لدى الطائفة العلوية وتأييدا من مختلف الأطراف والفاعليات، بشكل غطى على حالة الاعتراض التي كانت سائدة، حيث لم يعد أمام المعترضين وفي مقدمتهم الحزب العربي الديمقراطي، وعدد من الناشطين سوى التأقلم مع الواقع الجديد والمشاركة فيه، والذي يرى كثيرون أنه من المفترض أن يصب في مصلحة الطائفة.
الى ماذا يؤدي إقرار القانون؟
يرى كثير من المتابعين أن تمديد ولاية الهيئتين الشرعية والتنفيذية وإنتخاب رئيس ونائب رئيس للمجلس بعد فراغ وتعطيل إستمرا لسنوات، سيكون له العديد من الايجابيات لجهة:
أولا: إعادة الانتظام للمؤسسة الدينية الوحيدة العلويين.
ثانيا: انتهاء الهيمنة السياسية على المجلس، والتوجه نحو تعددية وتمثيل معظم الشرائح في الطائفة على إختلاف توجهاتهم، إضافة الى المراجع العلوية.
ثالثا: التحضير لانتخابات عامة بعدما كان متعذرا إجراؤها.
رابعا: تخفيض مستوى الخلافات والصراعات الموجودة حول المجلس وما ينتج عنها من تشنجات في الشارع.
خامسا: ترتيب البيت الداخلي للطائفة الاسلامية العلوية، ورفع مستوى الانسجام ضمن محيطها الطرابلسي واللبناني الوطني.
من جهته يقول النائب الدكتور علي درويش: إن إقرار القانون في مجلس النواب يعطي الطائفة دفعا قويا لاعادة بناء مؤسساتها وتصحيح الخلل الذي كان سائدا، فبعد الانتخابات النيابية الماضية ووصول نائبين بأصوات أبناء الطائفة، بات لزاما علينا أن نعمل على إنتخاب مرجع ديني شرعي يكون ممثلا للطائفة العلوية في لبنان.
ويرى درويش أن المرحلة الانتقالية ضرورية جدا لاجراء انتخابات شاملة للمجلس ولتأسيس مرحلة جديدة يصبح فيها المجلس اكثر شرعية وفعالية وممثلا لجميع الشرائح، مشددا على ضرورة طي صفحة الماضي، وفتح صفحة جديدة، يصار خلالها الى رأب الصدع الحاصل في الطائفة، وإعطاء نموذج حضاري عنها يكون أكثر شبها بأبنائها وعائلاتها الذين هم جزء أساسي من النسيج الطرابلسي واللبناني والوطني والقومي.
ويأمل النائب درويش أن يكون إقرار القانون بمثابة إنطلاقة نحو مرحلة جديدة تكون أكثر فعالية للعلويين في لبنان، لا سيما على صعيد إندماجهم ضمن المجتمع اللبناني، وأن يلعب المجلس الاسلامي العلوي الدور الديني المنوط به، مؤكدا أن ثمة إرتياحا في صفوف أبناء الطائفة لمسناه من خلال اللقاءات التي عقدناها مساء أمس، حيث يأمل كثيرون من أبناء الطائفة أن يكون تنظيم المؤسسة الدينية، مقدمة نحو تفعيل حضور العلويين في الدولة، ونيلهم حقوقهم في كل الوظائف والتعيينات.
(غسان ريفي)- سفير الشمال