ارتقى اللاّعبون الجزائريون إلى مصف الكبار في مختلف البطولات الأوروبية، وترك العديد منهم بصماتهم في أنديتهم في موسم يعتبر استثنائيا لعناصر المنتخب الوطني، كون تواجدهم لم يقتصر على تسخين كراسي الاحتياط أو لعب بعض ثوان، أو في أحسن الأحوال تقديم تمريرات حاسمة، إنما أضحى الحديث اليوم عن صناعة هؤلاء لألقاب أنديتهم ومنافستهم أيضا للنوادي والنجوم على تحطيم الأرقام وتسجيل الأهداف.
الموسم الكروي المنقضي يُذّكرنا بقول “الشيخ” رابح سعدان في كل مرة، حين كان على رأس المنتخب الذي منح الجزائريين، بعد سنوات من الابتعاد عن دائرة كبار المنتخبات، بأن تطوير أداء المنتخب مقترن بمدى توفّره على لاعبين من أعلى مستوى، وهي القناعة التي كانت تهدف في تلك الفترة إلى جعل عشّاق الكرة و«الخضر” يُقدّرون قيمة الإنجاز الذي حققه المنتخب في تلك الفترة بلاعبين لم يكونوا يوما نجوما في أنديتهم، ولا لاعبين في أندية كبيرة، ولا حتى صانعين للحدث الكروي في أوروبا، حتى وإن كان الحلم لم يكتمل بالتتويج باللّقب القاري عقب المحطة التاريخية التي صنعها لاعبون من مستوى متواضع أمام منتخبات تضمّ في تعدادها لاعبين من أعلى مستوى.
نجوم “الخضر” يتنافسون على الألقاب
المنتخب الجزائري، اليوم، الذي يملك خيارات كثيرة لانتقاء تركيبته من أكبر الأندية وأقوى البطولات، يشهد قفزة نوعية من حيث نوعية وقيمة لاعبيه وقيمة ومكانة النوادي الأوروبية التي يحملون ألوانها، فقد أنهى رياض محرز موسمه مع نادي ليستر سيتي الإنجليزي في ثوب البطل، وهو تاج تاريخي ساهم فيه الجزائر بشكل كبير بتسجيله لـ 17 هدفا وتقديمه لـ11 تمريرة حاسمة، ورشحته أرقامه ليكون ثاني لاعب من خارج القارة الأوروبية، بعد الأوروغوياني لويس سواريز، ينال لقب أحسن لاعب في بطولة “البريمر ليغ”.
وتمكّن هدّاف المنتخب الوطني، إسلام سليماني، أن يجعل أنصار نادي سبورتينغ لشبونة يعشقونه حدّ الجنون، فقد سجّل 27 هدفا ونصّب نفسه نجما وهدّافا لفريقه وثاني أحسن هدّاف في البطولة البرتغالية، بعد جوناس لاعب بنفيكا، وسابع أفضل هدّاف في مختلف البطولات الأوروبية، وهي أرقام جعلت فريقه سبورتينغ ينهي المنافسة وصيفا للبطل بنفيكا، وهو إنجاز رشيد غزال نفسه، لاعب نادي ليون، الذي سيشارك، مثل سليماني، في رابطة أبطال إفريقيا بعد موسم استثنائي أنهاه ليون في مركز الوصافة، وكسب الفريق الفرنسي نجما جزائريا جديدا سحر الجميع بأهدافه ولمساته السحرية بفضل ثقة مدرّبه الجديد.
وصنع الظهير الأيسر فوزي غلام الحدث في “الكالتشيو”، وساهم بقسط كبير في إنهاء فريقه نابولي البطولة في المركز الثاني.. وجعل غلام نفسه، من خلال أدائه المتميز، أحد أهم الأوراق الرابحة لنادي نابولي، وتم اختياره أحسن ظهير أيسر في بطولة كبيرة.
بينما “حرص” سفيان هنّي على جعل اللاّعب الجزائري يخطف الأضواء في بطولة بلجيكا، ويوسّع رقعة تألق الجزائريين في البطولات الأوروبية، حين نال هنّي لقب هدّاف البطولة البلجيكية، ما جعله يتلقى عدة عروض، خاصة من نادي أندرلخت البلجيكي.
ولم يكن تألق المهاجم العربي هلال سوداني مع دينامو زغرب الكرواتي أمرا مفاجئا، لأن النجم الجزائري صنع لنفسه اسما في فريقه منذ تعاقده مع هذا النادي، وقاده سوداني هذا الموسم إلى التتويج باللّقب والكأس، في الوقت الذي تحتفظ الذاكرة الكروية بأن نبيل بن طالب أنهى موسمه في إنجلترا مع توتنهام في المركز الثالث، وتنافس على لقب البطولة أمام ليستر إلى غاية الأنفاس الأخيرة، حتى وإن كان حظ بن طالب هو بضع دقائق من الظهور بألوان فريقه.
أداء مقبول لبراهيمي وفغولي وبودبوز وتايدر ومسلوب
ويمكن تصنيف أداء ياسين براهيمي وسفيان فغّولي مع بورتو وفالنسيا على التوالي في خانة المقبول، حتى وإن كان براهيمي قد تراجع من حيث البروز مقارنة بالموسم المنصرم، فيما عانى فغّولي من التهميش بسبب عدم اتفاقه مع إدارة النادي على تجديد العقد، غير أن فغولي وبراهيمي يحتفظان بنجوميتهما التي تصبّ في مصلحة المنتخب الوطني.
ويضم المنتخب الوطني لاعبين بارزين، حتى وإن كانوا لا يلعبون لأندية كبيرة ولم يكن موسمهم متميزا، مثل سليماني وغزال ومحرز وغيرهم، كون سفير تايدر ووليد مسلوب يملكان أيضا إمكانات كبيرة، ولا يمكن أيضا الإنقاص من قيمة عيسى ماندي وكارل مجّاني حتى بعد نزولهما مع فريقيهما رامس الفرنسي وليفانتي الإسباني على التوالي، في الوقت الذي يعتبر الحارس رايس مبولحي الأحسن، على الأقل حين يتعلق الأمر بحراسة عرين المنتخب.
وعاد رياض بودبوز إلى الواجهة وأدّى مع مونبيليي موسما رائعا جدا، وهو التألق الذي جعله محل إشادة الصحافة الفرنسية وفتح له أبواب العودة إلى “الخضر” على مصراعيه، في الوقت الذي تمكّن هشام بلقروي من خوض تجربة احترافية في أوروبا مع نادي مديرا البرتغالي، وكانت نتائجها الأولى مشجعة، لأن بلقروي ظهر بوجه طيب أيضا مع المنتخب وقدّم حلولا على مستوى محور الدفاع.
المكانة التي بلغها اللاّعب الجزائري في أوروبا ودخول غالبيتهم عالم كبار الكرة، وتنافسهم على تحطيم الأرقام ونيل الجوائز وكتابة تاريخ نواديهم، يُسقط عن المدرّب المقبل للمنتخب الوطني كل الحجج التي تجعله يبرر أي إخفاق محتمل، أو يحاول تسفير عدم القدرة هذه المرة، ليس على بلوغ المونديال، إنما التأهّل إلى أبعد من الدور الثاني والتتويج أيضا بكأس أمم إفريقيا التي ينتظرها الجزائريون منذ 26 سنة كاملة.
صحيفة الخبر الجزائرية