شكّلت حجم المشاركة العربية في القمة الاقتصادية التنموية الاقتصادية والاجتماعية التي ستنعقد في بيروت بدورتها الرابعة صدمة كبيرة للداخل اللبناني خاصة لدى رئاسة الجمهورية والتي حرصت وحاربت لاقامتها وانجاحها ، في كون انعقادها يعتبر انجازاً للعهد القوي في علاقته مع محيطه العربي.
لكن حجم المشاركة العربية والتي اقتصرت على 19 دولة ، ستتمثل عبر وزراء ووكلاء رؤساء فقط ، باستثناء موريتانيا والصومال ، كانت الصدمة الكبيرة ، ذلك ان هناك قراراً عربياً واضحاً بتوجيه رسالة شديدة اللهجة لبيروت ، بأن هناك عتباً او ربما تململ عربي تجاه من لقبت يوماً ب “سويسرا الشرق” ، تململ سينعكس لاحقاً من خلال ترك الساحة بعيدة عن أيّة دعم متاح ، طالما أننا كنا نعتمد عليها خلال عشرات السنوات الماضية ، ولا نعتمد على طاقات شبابنا.
ولا شكّ أن ما حصل من ازالة العلم الليبي شكّل تحدي اضافي للقرار العربي وليس فقط لدولة ليبيا ، خاصة ان ازالته جرت من محيط انعقاد القمة ومن دون تدخل الاجهزة الامنية ، وكأنّ الساحة مستباحة ، فبضعة اشخاص عجزت الدولة عن معالجة اسباب تواجدهم ، فكيف بها تحمي زعماء وملوك ورؤساء عرب.
كما أن رسالة ليبيا القاسية تجاه الجامعة العربية ، ومطالبتها بتجميد انشطة لبنان بعد قرار اهانة علم بلادها في قلب بيروت ، شكّل استنفاراً عربياً تمثل في تخفيض التمثيل ، وهو قرار كان متخذاً منذ وقت ، وأتت مشاهد خلع العلم الليبي لتسهل اخراجه والبوح به علانية ، ذلك ان هذا التباعد بات واضحاً وعنوانه اللاثقة الاحادية الجانب العربية تجاه لبنان ، او ربما الضغط على هؤلاء القادة لاتخاذ هكذا قرار.
فضلاً عن اعتبار القادة العرب ، انهم بقرارهم هذا انما يوجهون رسالة لخصومهم الاقليميين ، بأن الساحة اللبنانية تتأثر بأي قطيعة عربية ، ولا قدرة لخصومها على انعاش الوضع بمفردهم وتسيير الأمور ، فيما يبقى الخاسر الداخل اللبناني وحده بكل تفرعاته وتفاصيله.
لكن ، يبقى المؤكد الوحيد أن هكذا قمة تحتاج لشخصية الرئيس الشهيد رفيق الحريري والذي كان يجمع بمفردات بسيطة كل دول العالم ، تحت غطاء حماية لبنان ودعمه.