فجأة قفزت حادثة خطف المواطن السعودي في بيروت لتطرح تساؤلات عدة حول أهدافها والغاية منها، خاصة وأنها أتت في ظل التطورات الاقليمية والعربية الإيجابية التي سادت أخيراً، بعد اتفاق بكين بين السعودية وإيران أولاً، والقمة العربية التي انعقدت أخيراً في جدة ثانياً. ما يطرح أكثر من سؤال يحتاج إلى توضيح. هذه الهواجس والتساؤلات حملناها إلى رجل الدولة والأعمال السعودي الدكتور احمد البوقري، والذي أجاب عليها بحسب تحليله ومتابعته الأمور.
كيف تنظرون إلى عملية خطف المواطن السعودي في بيروت التي حدثت أخيراً ، وما هي انعكاستها برأيكم؟
لقد ظهر أن هذه الحادثة لم تكن سياسية، أو أنها كانت تستهدف تعكير العلاقات اللبنانية- السعودية ، أو أجواء الانفراج في العلاقات العربية العربية التي ظهرت في الفترة الأخيرة، خاصة بعد القمة العربية الأخيرة في جدة، والتي أتت تحت شعار قمة التضامن العربي، وهذا يعني أن الأولوية في هذه المرحلة هي للتضامن والتعاون والتنسيق بين العرب. وأن أي حادثة من هذا النوع لن تستطيع أن تؤثر على هذا المسار أو تحد من اندفاعه.
هل برأيكم أن هناك من يرمي اليوم إلى إعادة عقارب الساعة إلى الوراء؟ بعد كل هذه المنعطفات الهامة عربياً واقليماً؟
أعتقد أن الجميع أصبح اليوم مهتماً بإقامة تعاون مثمر بين القوى الاقليمية في المنطقة. لقد ولت مرحلة زرع الفتن المذهبية المتنقلة وتدمير القدرات لتتربع إسرائيل وحيدة سيدة المنطقة، ولنكون نحن العرب والمسلمين عندها خدماً وعبيد.
أما إذا هناك خطة، فلا أظنها ستنجح. ذلك أن الذي حدث من تطورات في المنطقة في الشهرين الماضيين خاصة بعد المصالحة السعودية- الإيرانية، والتي أدت إلى انخفاض كبير في حدة التوتر على الساحتين العربية والاقليمية. الأمر الذي يمهد إلى الانتقال من استراتيجية المنافسة إلى استراتيجية التعاون، وهو تطور نوعي بحد ذاته يشكل رسالة إلى الدول الكبرى، وخاصة الولايات المتحدة، بأن تعاوناً اقليمياً مثل التعاون الإيراني- السعودي ستكون له أثار ايجابية وسريعة على مجمل التطورات الاقليمية والعالمية.
من خلال ما تفضلتم به كيف تنظرون إلى مستقبل المنطقة في المرحلة المقبلة؟
كما قلت لك لقد شهدت العلاقات السعودية- الإيرانية في الأشهر القليلة الماضية تطوراً جوهرياً من حيث الاستراتيجية المتبعة لكل من البلدين فيما يتعلق بتطورات الشرق الأوسط. هذا التطور فاق توقعات الكثير من المراقبين في العواصم الاقليمية والدولية. لقد أدى هذا التعاون البناء في نتائجه الأولية إلى ظهور استراتيجية جديدة عنوانها “إبعاد المنطقة عن التدخلات الخارجية” والتوجه نحو البحث عن صيغ جديدة تبتعد عن الإفرازات التي أوجدتها العملية السياسية السابقة بقيادة الولايات المتحدة.
من الواضح أن إيران والسعودية قد دخلتا فعلاً في مرحلة جديدة من العلاقات الثنائية والاقليمية، يجب أن تستمر أولاً، ومن ثم يجب عليها أن تتوسع ثانياً لتشمل دولاً اخرى ذات أهمية، في أطار السعي لإنشاء منظومة تعاون اقليمي مثل مصر وسوريا، لما هاتين الدولتين من دور رئيسي في تعزيز الأمن والاستقرار في الشرق الأوسط.