رصد ومتابعة- القسم السياسي
فيما الحديث هذه الايام يدور حول مكافحة الفساد، لا بد من الاعتراف بأن هذا الأخير يتغلغل في نفوس المواطنين لا المسؤولين، ذلك أن المواطن بما أمّنه من غطاء شعبي للمسؤول ساهم بشكل مباشر في إعلاء شأنه والسماح له بأن يسرق متلطياً في كل مرة بعباءة الدين والطائفة.
السلطة السياسية اختبرت الشعب مراتٍ ومرات، وكان معها في كل جولة انتخابات جديدة يعاود الإتيان بذات الوجوه، من دون اي إمكانية لاستبدالهم، ذلك أنه اعتاد على اسلوبهم في ادارة الدولة واعتاد على نهبهم اياه، طالما ان شعور المواطنية لديه اقل بكثير من غيرته الدينية والتي ارهقته ودمّرت الوطن وعرقلت اي محاولة لاستنهاضه.
الفساد هو في هذا الشعب نفسه، الذي يتحمّس لخطاباتٍ مكرّرة، وينسى تعاسته واستحقاره واذلاله المُتعمَّد، ليصنع مجد الفراعنة بيده، ويبقى محكوماً مذلولاً، مستخدماً حماسته في غير مكانها واتجاهها.
لم يكن هذا الشعب يوماً ليتوحّد حول موقفٍ واحد، فقد كانت الشكوك تحاصر تفكيره، لكنها لا تفعل به كذلك اذا ما تعلّق الامر بإدانة زعيم او توجيه اصابع الاتهام له، فتراه يُغلق الطرقات ويفتعل المشاكل كرمى لعدم المساس بقدسية إلهه السياسي، لكنه لا يفعلها من أجل سلامة وطنه وامنه الاجتماعي ومستقبل ابناءه.
فكم من فاسدٍ أصبح بمرتبة زعيم ولم يستطع لا القضاء ولا غيره المساس به لانه رمز ديني لهذه الطائفة او تلك، كم من ملفاتٍ أوقفت وجرى تمييعها تحت ستار انها تخلق بلبلة شعبية وتودي بالبلد نحو التهلكة وتدخل الناس في صراعاتٍ متبادلة.
دعونا نعترف، اننا كشعب مصدر كل غباء وفساد، فإمّا ننتفض بالعقل والمنطق، او نصمت إلى ما شاء الله ونعيش حياة الدابّة كما نحن اليوم، تاركين لغيرنا من الشعوب شرف الانتفاضة من اجل كرامتهم وشرف تطورهم الرهيب مقابل الاستمرار في تراجعنا المعيب.